نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 642
الاتصال مع أنّه محسوس. و أجيب بأنّ المحسوس هو المنفصل و عوارضه
كاللون، و الانفصال يدرك بالوهم التابع للحسّ الظاهر لا بالحسّ الظاهر، فإنّ الحكم
بأنّ العدم غير محسوس بالحواس الظاهرة بديهية، فالحق أنها كيفية موجودة مضادة
للحرارة من شأنها أن تجمع المتشاكلات و غيرها. و هاهنا أبحاث.
الأول كما يقال الحار لما تحسّ حرارته بالفعل كالنار مثلا يقال أيضا
لما لا تحسّ حرارته بالفعل، و لكن تحسّ بها بعد مماسّة البدن الحيواني و التأثر
منه كالأدوية و الأغذية الحارّة و يسمّى حارا بالقوة، و كذا البارد يطلق على
البارد بالفعل و البارد بالقوة. و لهم في معرفة الحار و البارد بالقوة طريقان،
التجربة و القياس من الاستدلال باللون و الطعم و الرائحة و سرعة الانفعال مع
استواء القوام أو قوته.
و الثاني الأشبه بالصواب أنّ الحرارة الغريزية أي الطبيعية الملائمة
للحياة الموجودة في أبدان الحيوانات، و يسمّيها أفلاطون بالنار الإلهية و الحرارة
الكوكبية، و النارية أنواع متخالفة الماهية لاختلاف آثارها الدالة على اختلاف
ملزوماتها في الحقيقة، فإنّه يفعل حرّ الشمس في عين الأغشى من المضرّة ما لا يفعل
حرّ النار.
و الحرارة الغريزية أشدّ الأشياء مقاومة للحرارة النارية التي ليست
غريزية بل غريبة فإنّ الحرارة النارية إذا حاولت إبطال اعتدال المزاج الحيواني
قاومتها الغريزية أشدّ مقاومة حتى أنّ السموم الحارة و الباردة لا يدافعها إلّا
الغريزية، و هذا مذهب أرسطو. و قال جالينوس الغريزية و النارية من نوع واحد.
فالغريزية هي النارية و استفادت بالمزاج مزاجا معتدلا حصل به التيام، فإذا أرادت
الحرارة أو البرودة تفريقها عسر عليها ذلك التفريق. و الفرق بين الحار الغريزي و
الغريب أنّ أحدهما جزء المركب و الآخر خارج عنه، مع كونهما متوافقين في الماهية.
الثالث قال ابن سينا الحرارة تفرّق المختلفات و تجمع المتماثلات و
البرودة بالعكس، أي تجمّع بين المتشاكلات و غيرها أيضا لأنّ الحرارة فيها قوة
مصعّدة فإذا أثرت في جسم مركب من أجزاء مختلفة في رقة القوام و غلظه ينفعل الجزء
اللطيف الرقيق منه انفعالا أسرع من الكثيف الغليظ فيتبادر الألطف فالألطف إلى
الصعود دون الكثيف، فإنّه لا ينفعل إلّا ببطء و ربّما لم تفد الحرارة فيه خفة تقوي
على تصعّده، فيلزم بهذا السبب تفريق المختلفات. ثم تلك الأجزاء تجتمع بالطبع إلى
ما يجانسها، فإنّ الجنسية علّة الضم كما اشتهر، و الحرارة معدّة للاجتماع الصادر
عن طبائعها بعد زوال المانع الذي هو الالتئام، فنسب الاجتماع إليها كما نسبت
الأفعال إلى معدّاتها، هذا إذا لم يكن الالتئام بين بسائط ذلك المركّب شديدا. و
أما إذا اشتد و قوي التركيب لا تفرقها لوجود المانع، فإن كانت الأجزاء اللطيفة و
الكثيفة في الجسم متقاربة في الكمية كما في الذهب أفادته الحرارة سيلانا و ذوبانا،
و كلّما حاول اللطيف صعودا منعه الكثيف، فحدث بينهما تمانع و تجاذب، فيحدث من ذلك
حركة دوران كما نشاهد في الذهب من حركته السريعة العجيبة في البوتقة. و لو لا هذا
العائق لفرّقه النار. و إن غلب اللطيف جدا فيصعد و يستصحب معه الكثيف لقلته
كالنوشادر فإنّه إذا أشرفته النار تفرقه النار. و إن غلب الكثيف جدا لم يتأثر فلا
يذوب و لا يلين كالطلق فإنّه يحتاج في تليينه إلى حيل. و لذا قيل من حل الطلق فقد
استغنى عن الخلق.
تنبيه
الفعل الأوليّ للحرارة هو التصعيد، و الجمع و التفريق لا زمان له. و
لذا قال ابن سينا في كتاب الحدود [1] إنّها كيفية فعلية أي تجعل
[1] رسالة في الحدود: للشيخ الرئيس ابن سينا (- 428 ه)، و هي
مختصر أورد فيها تعريفات الأسماء التي أطلقها الفلاسفة.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 642