نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 487
تعقيد في جاءني أحمد بالتنوين لأنّ جاءني أحمد يفيد مجيء أحمد ما لا
الشخص المعيّن، فلا يكون ظاهر الدلالة على الشخص المعيّن المراد. مثاله قول
الفرزدق [1] في مدح خال هشام بن عبد الملك [2] و هو إبراهيم بن هشام بن إسماعيل
المخزومي: [3]
و ما مثله في النّاس إلّا مملّكا
أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه.
أي ليس في الناس مثله حيّ يقاربه في الفضائل إلّا مملّك و هو الذي
أعطي الملك و المال، يعني هشاما، أبو أمّه أي أبو أم ذلك المملّك، أبوه أي أبو
إبراهيم الممدوح، أي لا يماثله أحد إلّا ابن أخته و هو هشام، ففيه فصل بين المبتدأ
و الخبر أعني أبو أمه أبوه بالأجنبي الذي هو حيّ، و بين الموصوف و الصفة أعني حيّ
يقاربه بالأجنبي الذي هو أبوه، و تقديم المستثنى أعني مملّكا على المستثنى منه
أعني حيّ، و لهذا نصبه، و إلّا فالمختار البدل. فهذا التقديم شائع الاستعمال لكنه
أوجب زيادة في التعقيد. و المراد بالخلل في الانتقال الخلل الذي ليس لخلل النظم و
إلّا فعدم ظهور الدلالة لخلل في النظم إنّما هو لخلل في الانتقال. قال في الإيضاح
و الكلام الخالي عن التعقيد المعنوي ما يكون الانتقال فيه من معناه الأول إلى
معناه الثاني الذي هو المراد به ظاهرا حتى يخيّل إلى السّامع أنّه فهمه من حاق
اللفظ انتهى. و المراد أنّه فهمه قبل تمام الكلام لغاية ظهوره على زعمه. و اعترض
عليه بأنّه يفهم منه لزوم كون الجامع في الاستعارة ظاهرا، و قد ذكروا أنّ الجامع
إذا ظهر بحيث يفهمها غير الخاصة تسمّى مبتذلة و يشترطون في قبولها أن يكون الجامع
غامضا دقيقا. فبين الكلامين تدافع و أجيب بأنّ غموض الاستعارة و دقّة جامعها لا
ينافي وضوح طريق الانتقال بأن لا يكون مانع لغوي أو عرفي، و لا يرد الإبهام الذي عدّ
من المحسّنات للكلام البليغ، لأنّه إنّما يعدّ محسّنا عند وضوح القرينة الدالة على
المراد.
و الاعتراض بأنّ سهولة الانتقال ليست بشرط في قبول الكنايات و إلّا
لزم خروج أكثر الكنايات المعتبرة عند القوم من حيّز الاعتبار خارج عن حيّز
الاعتبار، لأنّ صعوبة الانتقال في تلك الكنايات إن أدّت إلى التعقيد فلا نسلّم
اعتبارها عندهم. كيف و قد صرّحوا بأنّ المعمّى و اللغز غير معتبرين عندهم
لاشتمالهما على التعقيد.
و اعترض أيضا أنّه يلزم أن لا يكون الكلام الخالي عن المعنى الثاني
فصيحا لأنّه ليس له الخلوص عن التعقيد و دفعه بأنّ مثل هذا الكلام بمنزلة الساقط
عن درجة الاعتبار عند البلغاء غير وجيه، لأنّ الكلام الخالي عن المجاز و الكناية
إذا روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال كيف
[1] هو همّام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، الشهير
بالفرزدق. ولد بالبصرة و توفي فيها عام 110 ه/ 728 م. شاعر من النبلاء، له أثر
كبير في الأدب و اللغة. قيل عنه: لو لا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة. و هو أحد
أعمدة المثلث الأموي في الشعر مع جرير و الأخطل. له ديوان شعر مطبوع، و قد كتب عنه
الكثيرون. الاعلام 8/ 93، رغبه الآمل 1/ 114، وفيات الاعيان 2/ 196، معاهد التنصيص
1/ 45، خزانة الأدب 1/ 105، الأغاني 9/ 324، الشعر و الشعراء 442، مفتاح السعادة
1/ 195.
[2] هو هشام بن عبد الملك بن مروان. ولد في دمشق عام 71 ه/ 690 م.
و توفي في الرصافة عام 125 ه/ 743 م. من خلفاء بين أمية. كانت له وقائع مشهورة مع
الخارجين على الحكم، كما كان حسن السياسة، يقظا في أمره، يباشر الأعمال بنفسه.
الاعلام 8/ 86، ابن الأثير 5/ 96، الطبري 8/ 283، تاريخ الخميس 2/ 318، اليعقوبي
3/ 57، المسعودي 2/ 142، تاريخ الاسلام للذهبي 5/ 170.
[3] هو ابراهيم بن هشام بن اسماعيل المخزومي القرشي. توفي بعد عام
115 ه/ 733 م. أمير المدينة و خال الخليفة هشام بن عبد الملك. كان شديدا و قاسيا
حتى شكاه الناس للخليفة فعزله هشام عام 115 ه و انقطعت أخباره. الاعلام 1/ 78،
النجوم الزاهرة 1/ 254، المحبّر 29.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 487