نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 162
للمشبّه به فيكون الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور.
ثم اعلم أنّ الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما أن يشبّه الضرب
الشديد مثلا بالقتل و يستعار له اسمه ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، و
الثاني أن يشبّه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلا في تحقق الوقوع فيستعمل
فيه ضرب فيكون المعنى المصدري أعني الضرب موجودا في كلّ من المشبّه و المشبّه به،
لكنه قيّد في كل واحد منهما بقيد مغاير للآخر فصحّ التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق
الشريف [1]. لكن ذكر العلامة عضد الملة [2] و الدين في الفوائد الغياثية [3] أنّ الفعل يدلّ على النسبة و يستدعي
حدثا و زمانا، و الاستعارة متصوّرة في كلّ واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهزم
الأمير الجند، و في الزمان كنادى أصحاب الجنّة، و في الحدث نحو فبشّرهم بعذاب
أليم، انتهى؛ و ذلك لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية نحو اضرب و هي مشتهرة
بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، و قد يوضع للنسبة الإخبارية و هي مشتهرة
بالمطابقة و اللامطابقة، و يستعار الفعل من أحدهما للآخر كاستعارة رحمه اللّه لا
رحمه، و استعارة فليتبوّأ في قوله عليه السلام «من تبوّأ عليّ الكذب فليتبوّأ مقعده
على النار» [4] للنسبة الاستقبالية الخبرية فإنه
بمعنى يتبوّأ مقعده من النار، صرّح به في شرح الحديث، و ردّه صاحب الأطول بأنّ
النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه
الفعل بل يستعار من معناه نفس المصدر و يشتق منه الفعل، و لا يمكن مثله في النسبة،
فالحقّ عدم جريانها في النسبة كما قاله السيد السّند.
فائدة:
قال الفاضل الچلپي: القوم إنما تعرّضوا للاستعارة التبعية المصرّحة،
و الظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنيّة كما في قولك: أعجبني الضارب دم زيد، و
لعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء.
فائدة:
لم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي و التبعي على قياس الاستعارة لكن
ربما يشعر بذلك كلامهم. قال في المفتاح: و من أمثلة المجاز قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ[5] استعمل قرأت مكان أردت القراءة لكون
القراءة مسبّبة من إرادتها استعمالا مجازيا، يعني استعمال المشتقّ بتبعية المشتقّ
منه، كذا في شرح بعض رسائل الاستعارة.
الخامس باعتبار المقارنة بما يلائم شيئا
[1] الجرجاني: هو علي بن محمد بن علي، المعروف بالشريف الجرجاني.
ولد قرب استراباد عام 740 ه/ 1340 م. و مات بشيراز عام 816 ه/ 1413 م. فيلسوف، من
كبار علماء العربية. له أكثر من خمسين مصنّفا. الأعلام 5/ 7، الفوائد البهية 125،
مفتاح السعادة 1/ 167، دائرة المعارف الإسلامية 6/ 333، الضوء اللامع 5/ 328، آداب
اللغة 3/ 235.
[2] عضد الدين الإيجي: هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو
الفضل، عضد الدين الإيجي. توفي عام 756 ه/ 1355 م. مسجونا بقلعة كرمان. عالم
بالأصول و المعاني و العربية و الكلام. له تصانيف هامة. الاعلام 3/ 295، بغية
الوعاة 296، مفتاح السعادة 1/ 169، الدرر الكامنة 2/ 322، طبقات السبكي 6/ 108.
[3] الفوائد الغياثية (معاني و بيان) لعضد الدين عبد الرحمن بن
أحمد الإيجي (- 756 ه) كشف الظنون 2/ 1299. أسماء الكتب 229.
[4] أخرجه مسلم في الصحيح، 1/ 10، عن أبي هريرة، المقدمة، باب
تغليظ الكذب على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
(2) ، حديث رقم 3/ 3، بلفظ: «من
كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».