نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 15
و المتبحّر في فضاء العربية يجد بوضوح كيف استفاد المجتهد و الفقيه و
العالم و العارف من اللغة العادية و من الأسماء العربية. فغدا الاسم مثقلا بدلالات
عدة سبق للمنطق التقليدي أن أطلق عليها الأسماء المتفقةHomonymes ، و قصد بها ما كان اسما مشتركا لمعان مختلفة.
أما معنى كلمة عادي فهي ما يقابل ضمنا غير المألوف و السوي و
الاصطلاحي و الشعري و الرمزي. و تعني كلمة عادي المشترك و المألوف عند العامة و
المتداول على كل لسان، لكن هل كل ذلك يتعارض مع الأساليب و الأسماء المعتمدة لدى
قلة من الناس اصطلحوا عليها في مضمار الفنون و الرموز و العلوم؟ [1] و شكلوا الخاصة و أهل النظر. فلقد حرث
المصطلح و لغة العلم في العربية حرثا عميقا و مديدا. إذ تمثّل عمقه في تحويل
الأسماء بدلالتها الحسية ثمّ الدينية إلى دلالة اصطلاحية عبّرت عن كل علوم من سبق
على الحضارة العربية و الاسلامية تقريبا مضيفة ما كان من عنديات عقول تلك الحضارة
و الابداعات و الاضافات و التبديّات [2] و المشاعر. و تحصّل مديد المصطلح من طول عمر تلك اللغة العربية و
انتشارها الزماني، بحيث يشكل اللسن العربي تاريخيا بين اللغات لسنا معرقا قديما
امتد عشرات القرون و لم يزل حيا قادرا على الاستقطاب.
كل هذا يمكن أن نخلص من خلاله إلى عدم التعارض بين اللغة العادية و
الاصطلاحية.
بيد أنّ الأقدمين تنبهوا إلى مثل هذه العملية داخل اللغة و استخرجوا
منها تلك التفعيلات و الأوزان الضابطة؛ التي اعتبر ابن جني في خصائصه أنّها قوالب
لصياغة التصورات، و دالات لتمييز الأفكار و المعاني، و منحوتات تقولب خلالها
ابداعات المفاهيم و مستحدثاتها.
ثم أبرزها العلائلي عصريا في مقدمته و خرّج بها الكثير من التفنينات
و العلوم العصرية.
كما أنّ ابن رشد الفيلسوف وعاها كنحت اصطلاحي و تفسير و تأويل تصوري،
فقال بصحتها: على أن لا تخل بعادة لسان العرب. جاعلا من العادة الضابط التقعيدي،
منعا من التفلت. و لعلّ هذا الضابط هو ذاك الجسر بين اللغة العادية و اللغة الاصطلاحية.
[1] Ryle, G., Ordinary Language, The Philosophical Review, V, LXII,
1953،. 167.
[2] نطلق كلمة تبديات على ما بدا للنفس فيوافق ذلك الوظيفة
الانفعالية للغة و يماثل الفلسفة الظواهرية و الظاهراتيةPhenomenologie .
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 15