نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 14
الثقافي برمته، و في الوقت عينه معلمة مرجعية لعلماء و مراجع و كتب و
آراء متعددة منتشرة على امتداد قرون الحضارة العربية و الاسلامية.
بنية العربية و قابليتها للتحديث:
لقد طلع علينا زكي الأرسوزي في تصويره عبقرية العربية برأي مفاده أن
تأسيس الدلالة ارتكز على عمليتين: تقليد الطبيعة و تصويرها، و التعبير عن المشاعر
النفسية الداخلية للفرد. فالأصوات ثم الأسماء بالعربية حدثت من الثنائي إلى الثلاثي
و نشأت من خلال هذين البعدين.
و مع بداية القرن العشرين ميّزت الوضعية المنطقية [1] بين وظيفتين رئيسيتين للغة:
احداهما هي الوظيفة المعرفية التي تستخدم اللغة فيها كأداة تشير إلى
وقائع و أشياء موجودة في العالم الخارجي، و لا يتعدى دور اللغة غير هذا التصوير
لتلك الوقائع و الأشياء. أما الوظيفة الثانية للغة فهي الوظيفة الانفعالية و
مؤدّاها أنّ الانسان يستعمل اللغة أحيانا للتعبير عن مشاعر و انفعالات تجول في
نفسه. و يدخل في اطار هذه المشاعر العبارات التي تعالج مسائل الأخلاق و الجمال و
الماورائيات. فلا عجب إن صنّفنا العدد الكبير من المصطلحات في الكشاف الذي بين
أيدينا ضمن دائرة مسائل الأخلاق و الماورائيات و المشاعر النفسية التي تبدّت عند
الصوفي أو غيره.
[1] شكّلت جماعة فيينا حلقة ذات توجه فلسفي علمي لغوي. من أشهر
أعلامها شليكSchlick و فايزمنWaismann و فتغنشتينWittgenstein
و غيرهم مثل كارنابCarnap و فايجلFeigl و كرافتKraft و آيرAyer . اضافة إلى هؤلاء سارت مدرسة آكسفورد بهذا المنحى، و من أشهر
ممثليها أوستنAustin و رايلRyle و ستراوسونStrawson و هيرتHart و هامبشيرHampshir و هيرHare . و نويل سميثN .Smith و اشعيا برلينI .Berlin و سواهم ك رسلRussell . و شكّل هؤلاء الأفراد
من الوضعيين و اللغويين توجها معرفيا، منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي و
المنتصف الأول من القرن العشرين، غرضه التأكيد على الآراء التالية: الفلسفة تحليلية.
الفلسفة علمية، أي هي روابط منطقية لغوية لوقائع جزئية مجرّبة في العلوم. القضايا
تحليلية أو تركيبية. كل الماورائيات و الأفكار القبلية الداخلة على التجربة لغو.
ثم ان الاتجاه اللغوي شدّد على أن اللغة العادية هي الصحيحة و
معاييرها تساعد بصورها و اشاراتها على تحقيق الوظيفتين المعرفية و الانفعالية للغة
فقط.
إن التفريق بين المعنى الدلالي و الاشاري يتم خلال التجربة و
العلاقة المنطقية الخاصة باللغة.
إن هذه الواقعية التي اتسم بها هذا التوجه تساعد في منهجها و
النتائج على فهم عمليات وضع المصطلح في اللغة العربية، و تؤازر على ادراك ذاك
التحول بين الدلالة العادية للفظ و دلالته الاصطلاحية و كيف استخدم العرب و
المسلمون اللغة العادية و المعايير البنائية للسانهم في صياغة التصورات العلمية،
بمثل ما يؤيّد ذلك التعرف على موقع الاصطلاح و المصطلحات في اطار أي وظيفة للغة، و
لا سيما أنّ الألفاظ و الاصطلاحات المعتقدية و الصوفية تغزر في العمل الذي بين
أيدينا.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 14