أن يكون تارة يعقل منها أنّها موجودة غير معدومة [1]؛ و تارة يعقل منها أنّها معدومة غير
موجودة، فيكون [2] لكلّ واحد من الأمرين صورة عقلية
على حدة. و لا واحد [ة] [3]
من الصورتين تبقى مع الثانية، فيكون واجب الوجود متغيّر الذات.
ثمّ الفاسدات إن عقلت بالماهية المجرّدة و بما يتبعها ممّا لا
يتشخّص [4] لم تعقل بما هي فاسدة، و إن أدركت
بما هي مقارنة لمادّة و عوارض مادّة و وقت و تشخّص
[5] لم تكن معقولة، بل محسوسة أو متخيلة.
و نحن قد بيّنا في كتب أخرى أن كلّ صورة لمحسوس [6] و كلّ صورة خيالية فإنّما ندركها من
حيث هي محسوسة و نتخيّلها [7] بآلة متجزئة. و كما أنّ إثبات كثير من الأفاعيل للواجب الوجود نقص
له، كذلك إثبات كثير من التعقّلات؛ بل واجب الوجود إنّما يعقل كلّ شيء على نحو
كلّي، و مع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصى [8] «لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا
فِي الْأَرْضِ»[9] و هذا من العجائب الّتي يحوج
تصوّرها إلى لطف قريحة.