نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 114
و كما أنّ الخدر لآفة عرضت له لا يحسّ بالسبب المولم، و المريض لا
يشتهى الطعام و إن كان به جوع بوليموس و هو لا يشعر به، فاذا زال السبب أحسّ
بالشوق الطبيعىّ الذي له الى راحته و عذابه و سعادته؛ كذلك النفس فى البدن لا
يشتدّ منها الشوق الى قوّة كمالها الذي يخصّها بعد التنبيه له إلّا اذا فارق البدن
و خلا بما له فى جوهره.
و اعلم أنّه كما أنّ الصبيان لا يحسّون باللذات و الآلام التي تخصّ
المدركين و يستهزؤون بهم، و إنّما يستلذّون ما هو بالحقيقة غير لذيذ و يكرهه
المدركون، كذلك صبيان العقول، و هم أهل الدنيا و البدنيّون، عند مدركى العقول، و
هم الذين تخلّصوا عن المادّة.
[فصل 15] فى السعادة و الشقاوة الوهميّة فى الآخرة دون الحقيقيّة
و أمّا الأنفس الجاهلة فانّها إن كانت خيرة و لم يحدث فيها شوق إلى
المعقولات البتة على سبيل اليقين، فانّها اذا فارقت المادّة بقيت، لأنّ كل نفس
ناطقة باقية، و لم تتأذّ بالهيئات المنافية، و حصل لها السعادة الظنيّة، فان رحمة
اللّه واسعة، و الخلاص فوق الهلاك.
قال بعض أهل العلم [1]، ممن لا يجازف فى ما يقول، قولا ممكنا، و هو أنّ هؤلاء إذا فارقوا
البدن، و هم بدنيّون، و ليس لهم تعلّق بما هو أعلى من الأبدان، فيشغلهم التزام
النظر اليها و التعلّق بها عن الأشياء البدنيّة، و إنّما لأنفسهم انها زينة
أبدانهم فقط، و لا تعرف غير الأبدان و البدنيّات، أمكن أن يعلقهم نوع شوقهم إلى
البدن ببعض الأبدان التي من شأنها أن تتعلق بها الأنفس، لأنّها طالبة بالطبع، و هذه
مهيّاة بهيئة الأجسام دون الأبدان الانسانيّة و الحيوانيّة التي ذكرنا، و لو تعلّق
بها لم تكن إلّا نفسا لها؛ فيجوز أن يكون ذلك جرما سماويّا، لا أن
[1] - قال نصير الدين الطوسى: و أظنه يريد الفارابى. (شرح
الاشارات، ج 3، ص 355).
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 114