فالجواب عن ذلك لأن عنصر قوامه جزء منه و هو معه بالفعل، و لا يشكل
تناهى الأمور الموجودة بالفعل فى شىء متناه موجود بالفعل. على أن [1] من بلغ أن يتعلم هذا العلم و وقف على
سائر ما سلف و إنما يشكل عليه من أمر تناهى العلل و لا تناهيها أنه هل يمكن أن
يكون كذلك فى العناصر التى بالقوة واحدا بعدّ آخر مختلفة بالقرب و البعد.
و أما الشبهة الأخرى فى حديث [2] الماء و الهواء، فحلّها سهل على من وقف على كلامنا فى العناصر حيث
تكلمنا فى الكون و الفساد، على أن كلامنا هيهنا فى كون الشىء من الشىء بالذات، و
كل تغير من الذى بالذات فهو فى مضادة واحدة مقتصر عليها، فيكون الذى كان عنها
بالذات يفسد إليها ضرورة، و فى الأخرى كذلك، فتكون جملة التغيرات محصورة، و كل
طبقة منها مقتصرة على طرفين نرجع بأحدهما على الآخر، فقد انحلت جميع الشبه
المذكورة.