عدد ما بين الطرفين كواسطة واحدة تشترك فى خاصية [1] الواسطة بالقياس إلى الطرفين، فتكون
لكل واحد من الطرفين خاصية، و كذلك إن ترتب فى كثرة غير متناهية فلم يحصل الطرف
كان جميع غير المتناهى مشتركا فى خاصية الواسطة، لأنك أىّ جملة [2] أخذت كانت علة لوجود المعلول الأخير و
كانت معلولة، إذ كل واحد منها [3] معلول، و الجملة [4] متعلقة الوجود بها و متعلق [5] الوجود بالمعلول معلول، إلّا أن تلك الجملة شرط فى وجود المعلول
الأخير و علة له، كلما زدت فى الحصر و الأخذ كان الحكم إلى غير النهاية باقيا،
فليس يجوز إذن أن تكون جملة علل موجودة و ليس فيها علة غير معلولة و علة أولى،
فإن [6] جميع غير المتناهى يكون واسطة بلا طرف
و هذا [7] محال. و قول القائل إنها أعنى العلل
قبل العلل تكون بلا نهاية مع تسليمه لوجود الطرفين حتى يكون طرفان و بينهما وسائط
بلا نهاية، ليس يمنع غرضنا الذى نحن فيه، و هو إثبات العلة الأولى.
[7] - أي الواسطة بلا طرف محال؛ لأنّ الوسط أمر نسبيّ لا يوجد
ألبتة إلّا مع الطرفين، هكذا قيل، كما في هامش نسخطة مخطوطة من إلهيات الشفاء
موجودة عندنا، هذا و إن كان وجها؛ و لكن التحقيق أنّ القول بأنّ جميع غير المتناهي
يكون واسطة بلا طرف محال، لأنّه إعراض عن أصل قويم مبتن عليه كثير من الأحكام
الفلسفية منها هذا البرهان، و هو أنّ علة الوجود للشيء تكون موجودة معه في الزمان
أو الدهر أو السرمد كما مرّ في أول الرابعة من هذا الفن الثالث عشر.