تصويره حيوانا و بقاؤه حيوانا فله علة أخرى؛ فإذا كان كذلك كان كل
علة مع معلولها.
و كذلك النار علة لتسخين عنصر الماء، و التسخين علة لإبطال استعداد
الماء بالفعل لقبول صورة المائية أو حفظها، و ذلك أن شيئا آخر علة لإحدات
الاستعداد التام فى مثل هذه الحال لقبول ضدها و هى الصورة النارية، و علة الصورة
النارية هى العلل التى تكسو العناصر صورها و هى مفارقة، فتكون العلل الحقيقية
موجودة مع المعلول.
و أما المتقدمات [1] فهى علل، إما بالعرض و أما معينات، فلهذا يجب أن يعتقد أن علة شكل
البناء هو الاجتماع، و علة ذلك طبائع المجتمعات و ثباتها على ما ألفت، و علة ذلك
السبب المفارق الفاعل للطبائع. و علة الولد اجتماع صورته مع مادته بالسبب المفيد
للصور. و علة النار السبب المفيد للصور و زوال الاستعداد التام لضد تلك الصورة
معا، فتجد إذن أن العلل مع المعلولات.
و إذا قضينا فيما يتصل به كلامنا بأن العلل متناهية، فإنما نشير إلى
هذه العلل و لا نمنع أن تكون عللا معينة و معدّة بلا نهاية بعضها قبل بعض بل ذلك
واجب ضرورة، لأن كل حادث فقد وجب بعد ما لم يجب لوجوب علته حينئذ كما بينا، و علته
ما كان أيضا وجب. فوجب فى الأمور الجزئية أن تكون الأمور المتقدمة التى بها تجب فى
العلل الموجودة بالفعل، أن تصير عللا لها بالفعل أمورا بلا نهاية، و لذلك لا يقف
فيها سؤال لم ألبتة.
و لكن الإشكال ههنا فى شىء، و هو أن هذه التى بلا نهاية لا يخلو إما
أن