الفصل الثانى من المقالة السادسة فى حل ما يتشكك به على ما يذهب
إليه أهل الحق من أن كل علة فهى مع معلولها، و تحقيق الكلام فى العلة الفاعلية
و الذى يظن من أن الابن يبقى بعد الأب و البناء يبقى بعد البنّاء و
السخونة تبقى بعد النار فالسبب فيه تخليط واقع من جهة جهل العلة بالحقيقة، فإن
البنّاء و الأب و النار ليست عللا بالحقيقة لقوام هذه المعلولات، فإن البانى
العامل له المذكور، ليس علة لقوام البناء و لا أيضا لوجوده.
أما البنّاء فحركته علة لحركة مّا، ثم سكونه و تركه الحركة [1] أو عدم حركته و نقله بعد ذلك النقل
علة لانتهاء تلك الحركة، و ذلك النقل بعينه و انتهاء تلك الحركة علة لاجتماع مّا،
و ذلك الاجتماع علة لتشكل مّا، و كل واحد مما هو علة فهو و معلوله معا.
و أما الأب فهو علة لحركة المنى، و حركة المنى إذا انتهت على الجهة
المذكورة علة لحصول المنى فى القرار؛ ثم حصوله فى القرار علة لأمر؛ و أما
[1] - أي حتى يكون أمرا وجوديا أو عدم حركته و نقله حتى يكون أمرا
عدمّيا.