فالفصل الذى هو كالنطق و الحس ليس هو بحيث يقال على شىء من الجنس،
فليس الحس و لا النطق حيوانا ألبتة. و أما الفصل الذى هو الناطق و الحساس فالجنس
بالقوة هو [1]، و إذا صار هو بالفعل صار نوعا. و أما
كيف ذلك فقد تكلمنا فيه و بينا أنه كيف يكون الجنس هو الفصل و هو النوع فى الوجود
بالفعل و كيف تفترق هذه [2]
بعضها من بعض، و أن النوع بالحقيقة شىء هو الجنس إذا صار موصوفا بالفصل، و أن ذلك
التميز و التفريق هو (له، خ ل) عند العقل، فإذا احتيل و فصل و تميز فى الوجود فى
المركبات صار الجنس مادة و الفصل صورة، و لم يكن الجنس و لا الفصل مقولا على
النوع.
ثم من الشكوك التى تعرض على هذا الكلام بل على وجود طبيعة الفصل ما
أقوله: إنه من البين أن كل نوع منفصل عن شركائه فى الجنس بفصل [3].
ثم ذلك الفصل معنى أيضا من المعانى، فإما أن يكون أعم المحمولات، و
إما أن يكون معنى واقعا تحت أعم المحمولات. و محال أن يقال: إن كل فصل هو أعم
المحمولات. فإن الناطق و أشياء كثيرة مما يجرى مجراه ليس مقولة [4] و لا فى حكم مقولة، فيبقى أن يكون
واقعا تحت أعم المحمولات و كل ما هو واقع تحت معنى أعم منه فهو منفصل عما يشاركه
فيه بفصل يختص به، فيكون إذن لكل فصل فصل، و يذهب هذا إلى غير النهاية.