المعنى الأول قلت: زاوية مساوية و ناقصة و زائدة لنفسها [1]، لأن جوهرها مقدار، و إن أوقعت على
المعنى الثانى قلت ذلك [2]
لها بسبب المقدار الذى هى فيه كمّا للتربيع، و لأن هذا الذى هو الزاوية بالمعنى
الأول يمكن أن يفرض فيه إما أبعاد ثلاثة أو بعدان، فهو مقدار جسم أو سطح.
و الذى يظنه من يقول: إنه إنما يكون سطحا إذا تحرك الخط الفاعل إياه
فى الوهم بكلتى نقطتيه حتى أحدثه، حتى كان قد يحرك الطول عرضا بالحقيقة فحدث عرض
بعد الطول فكان طول و عرض؛ بل لم يتحرك المحدث للزاوية لا فى الطول وحده كما هو و
لا فى العرض حتى يحدث سطح، و إنما تحرك بأحد رأسيه فحدثت الزاوية. فجعل الزاوية
جنسا رابعا من المقادير.
و السبب فى هذا جهله بمعنى قولنا: إن للشىء ثلاثة أبعاد أو بعدان
حتى يكون مجسّما أو مسطحا.
فإذ قد عرفت ذلك عرفت أن هذا الذى قاله لا يلزم، و لا ينبغى أن يكون
للعاقل إليه إصغاء، و إنما هو شروع من ذلك الإنسان فيما لا يعنيه. و هذا الغافل
الحيران قد يذهب إلى أن السطح بالحقيقة هو المربع أو المستطيل لا غير. و ليس كلامه
مما يهم فضل شغل به. فقد عرفت وجود الأقدار و أنها أعراض و أنها ليست مبادئ
للأجسام، إذ الغلط فى ذلك أنما عرض لما عرفت.
و أما الزمان فقد كان تحقق لك عرضيّته و تعلقه بالحركة فيما سلف،
فبقى أن تعلم أنه لا مقدار خارجا عن هذه المقادير.
[1] - لأنّ التساوي و التناقص و التزايد خواصّ المقدار.