ثمّ يجعل مبدءاً لإثباتها باللمّ في علم آخر، فإنّ التعليمي يثبت [1] استدارة الفلك بتساوي أقطاره من
الجوانب ولساير أجزائه لنقطة واحدة وهو برهان إنّ، والطبيعي يثبتها ببساطته وهو
برهان لمّ، فيجوز أنيأخذ الطبيعي استدارته المثبتة في التعليمي بالإنّ في بيان
إثباتها باللمّ بأن يقال [2]: الفلك بسيط لأنّه مستدير- كما ثبت في التعليمي- وبعد ثبوت بساطته
يثبت استدارته باللمّ. وكذا الحال في العلمين والإلهي، فلو فرض مطلوب واحد يثبت
فيهما بالإنّ وفيه باللمّ، ويؤخذ 56// المعلوم بالوجه الأوّل في بيان نفسه بالوجه
الثّاني لميلزم منه دور ولا مبدأية الشّي لنفسه.
و لايخفى أنّ هذا على فرض صحتّه إنّما ينفع في بعض الموارد، وحمل
كلام الشّيخ عليه كما ارتكبه جماعة غير جيّد؛ لأنّ الدّور لايندفع به، إذ لزومه
إنّما كان باعتبار التعاكس في المبدأية بمعنى أنّ مسألة واحدة مشتركفي أحد
العلمين، وفي الإلهي قد يجعل بعد إثباتها فيهما مبدءاً لإثباتها فيه وبالعكس.
و ما ذكر في الجواب على الحمل المذكور، لايفيد أزيد من جواز مبدأية
ما أثبت فيهما بالإنّ لإثباته فيه باللمّ، ومجرّد ذلك لايدفع الدّور، إذ لزومه
لميكن بمجرّد المبدأيّة المذكورة، بل مع اعتبار التعاكس أيضاً، فدفعه يتوقّف على
بيان جوازه أيضاً مع أنّه غير جائز لإيجابه الدّور ضرورة؛ إذ تعليل البساطة في
الطبيعي بالإستدارة المعلومة فى التعليمي، ثمّ التعاكس فيه يشمل على دور بيّن.
فالأظهر أن يحمل كلامه على ما ذكر أوّلًا، ومحصّله: أنّ مسائل الإلهي
تُعلم إنّيتها من العلمين، ومسائلها تعلم لِميّتها منه بعد ما علمت