الحساب و الهندسة. وأمّا الموسيقىُّ و جزئيّات الرَّياضيَّات و
الخلقيّات والسِّياسة، فهى توابع غير ضروريَّةٍ في هذا العلم.
ثمّ لما علّل الشّيخ بعدية الإلهي عن العلمين بتبيين بعض مسلماته
فيهما. و قد سبق منه أنّ مباديء سائر العلوم تصحّح منه، كان هنا مظنّة السّؤال
بلزوم الدور، فأراد أن يذكره بجوابه فقال:
[الاشكال في لزوم الدور حينما استفاد العلم الأعلى من سائر
العلوم]
إلّا إنَّ لسائلٍ أن يسأل. فيقول: إنَّه إذا كانت المباديء في علم
الطَّبيعة و التَّعاليم إنّما تبرهن في هذا العلم
كما ذكره سابقاً و كانتمسائل العلمين تبرهن بالمبادئ
التي هي مسائل الإلهي، فيلزم توقّف مسائلهما على مسائله
و كانت مسائل ذينك العلمين تصير مباديء لهذا العلم
كما ذكره هنا كان ذلك بياناً دوريّاً و يصير آخر الأمر بياناً للشّيء من نفسه.
و توضيح الدّور: أنّ مباديء العلمين- أعني موضوع مسائلهما أو مبدأه
أو بعض مقدّمات- براهينها ممّا لايتوقّف عروضه للموضوع على المادّة إنّما يثبت في
الإلهيٍ، فهي من مسائله، وإن أمكن فرض مبدأ يلزم بعض مطالبه وبراهين مسائله، فلا
تكون فيه مسألة، فمسائلهما المتوقّفة عليها متوقّفة على مسائله.
ففي قول الطبيعي: «الفلك مستدير» إثبات وجود الفلك ومبدأ- أعني
الواجب- وبعض مقدّمات براهين المسألة، أي البساطة من مسائل الإلهي. فهذه المسألة
الطبيعيّة متوقّفة على تلكالمسائل الإلهيّة، فلو كانت مسائلهما أيضاً مباديء
لمسائلة كما ذكره هنا يلزم الدّور؛ إذ يصدق توقّف مسائلها على مسائله مع عكسه، وهو
دور ظاهر.