نام کتاب : الشفاء - الإلهيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 432
جميع ما كانت اعتقدته من الأحوال
[1] الأخروية، و تكون الآلة [2] يمكنها بها [3] التخيل شيئا من الأجرام السماوية فتشاهد جميع ما قيل لها في الدنيا
من أحوال القبر و البعث و الخيرات الأخروية، و تكون الأنفس الردية أيضا تشاهد
العقاب بحسب ذلك المصور لهم في الدنيا و تقاسيه، فإن الصور
[4] الخيالية [5]
ليست تضعف عن الحسية بل تزداد [6] عليها تأثيرا و صفاء [7] كما يشاهد في المنام، فربما كان المحلوم
[8] به أعظم شأنا في بابه من المحسوس، على أن الأخروي [9] أشد استقرارا من الموجود [10] في المنام بحسب قلة العوائق و تجرد
النفس و صفاء القابل، و ليست [11] الصورة التي ترى في المنام، بل و لا
[12] التي [13]
تحس في اليقظة، كما علمت، إلا المرتسمة في النفس. إلا أن أحدهما [14] يبتدئ من باطن و ينحدر إليه، و الثاني
يبتدئ من خارج و يرتفع إليه، فإذا ارتسم في النفس تم هناك الإدراك [15] المشاهد، و إنما
[16] يلذ و يؤذي بالحقيقة هذا المرتسم في النفس لا الموجود من خارج [17]، فكلما
[18] ارتسم في النفس فعل فعله و إن
[19] لم يكن يسبب [20] من خارج، فإن السبب الذاتي هو هذا المرتسم، و الخارج هو سبب [21] بالعرض
[22] أو سبب السبب [23].
فهذه هي السعادة [24] و الشقاوة الخسيستان [25] اللتان [26]
بالقياس إلى الأنفس الخسيسة، و أما [27] الأنفس المقدسة فإنها تبعد عن مثل هذه الأحوال و تتصل بكمالاتها [28] بالذات و تنغمس في اللذة الحقيقية، و
تتبرأ عن [29] النظر إلى ما خلفها، و إلى المملكة [30] التي كانت لها، كل التبري. و لو كان
بقي فيها من ذلك أثر [31]
اعتقادي أو خلقي تأذت به [32]، و تخلفت لأجله عن درجة العليين
[33] إلى أن تنفسخ و تزول [34].