نام کتاب : الشفاء - الإلهيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 284
و الكون و الفساد لا غاية لهما في ظاهر الظن. ثم لقائل أن يقول: قد
يجوز أن [1] يكون لكل غاية غاية، كما يكون لكل [2] ابتداء ابتداء، فلا يكون بالحقيقة
غاية و تمام، لأن الغاية بالحقيقة ما يسكن لديه، و قد نجد أشياء هي غايات و لها
غايات أخرى إلى غير النهاية، فإن هاهنا أشياء يظن أنها غايات و لا تتناهى، كنتائج
تترادف عن القياسات و لا تتناهى. ثم لقائل أن يقول: لنترك أن الغاية موجودة لكل
فعل، فلم جعلت علة [3]
متقدمة و هي بالحقيقة معلولة [4] العلل كلها؟ و مما [5] يليق أن نتكلم فيه بعد حل هذه الشبهة
[6] أنه هل الغاية و الخير شيء واحد أم يختلف
[7]؟ و أيضا ما الفرق بين الجود و الخيرية؟ فتقول [8]:
أما الشك الأول المنسوب إلى الاتفاق و العبث فنحله و نقول [9]: أما حال الاتفاق و أنه غاية ما فقد
فرغ منه في الطبيعيات. و أما بيان أمر العبث فيجب أن نعرف أن كل حركة إرادية فلها
مبدأ قريب، و مبدأ بعيد [10]، و مبدأ أبعد. فالمبدأ القريب هو القوة المحركة التي في عضلة العضو،
و المبدأ الذي يليه هو الإجماع من القوة الشوقية، و الأبعد من ذلك هو التخيل أو
التفكر [11]. فإذا ارتسم في التخيل أو في الفكر [12] النطقي
[13] صورة ما، فتحركت [14] القوة الشوقية إلى الإجماع، خدمتها القوة المحركة التي في الأعضاء،
فربما كانت الصورة المرسمة في التخيل أو [15] الفكر [16]
هي نفس الغاية التي تنتهي إليها الحركة، و ربما كانت شيئا غير ذلك، إلا أنه لا
يتوصل إليه إلا بالحركة إلى ما تنتهي إليه الحركة، أو تدوم عليه الحركة.
مثال الأول: أن الإنسان ربما ضجر عن المقام في موضع ما، و تخيل [17] في نفسه صورة موضع آخر، فاشتاق [18] إلى المقام فيه، فتحرك نحوه، فانتهت [19] حركته إليه، فكان متشوقه نفس ما انتهى
إليه تحريك القوى المحركة للعضلة.