نام کتاب : الشفاء - الإلهيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 268
و نرجع إلى ما كنا فيه فنقول: أما
[1] الفاعل الذي يعرض له أن يكون فاعلا فلا بد له [2] من مادة يفعل فيها، لأن كل حادث، كما
علمت، يحتاج إلى مادة فربما فعل دفعة، و ربما فعل
[3] بالتحريك فيكون مبدأ الحركة، و إذا قال الطبيعيون للفاعل، مبدأ
الحركة، عنوا به الحركات الأربع، و تساهلوا في هذا الموضع فجعلوا الكون و الفساد
حركة. و قد يكون الفاعل بذاته فاعلا، و قد يكون بقوة، فالذي [4] بذاته، فمثل الحرارة لو كانت موجودة
مجردة تفعل، فكان [5]
يصدر عنها ما يصدر لأنها حرارة فقط، و أما الفاعل بقوة، فمثل النار بحرارتها و قد
عددنا في موضع آخر [6]
أصناف القوى.
[الفصل الثالث] (ج) فصل[7] في مناسبة[8] ما بين العلل الفاعلية و معلولاتها
نقول إنه [9] ليس الفاعل كل ما أفاد وجودا أفاده مثل نفسه، فربما أفاد وجودا مثل
نفسه و ربما أفاد وجودا، لا مثل [10] نفسه، كالنار تسود، أو كالحرارة
[11] تسخن، و الفاعل الذي يفعل وجودا مثل نفسه، فإن المشهور أنه أولى و
أقوى في الطبيعة التي يفيدها من غيره، و ليس هذا المشهور ببين و لا بحق [12] من كل وجه، إلا أن يكون ما يفيده هو
نفس الوجود و الحقيقة، فحينئذ يكون المفيد أولى بما يفيده من المستفيد.
و لنعد من رأس فنقول: إن العلل لا تخلو إما أن تكون عللا للمعلولات
في نحو وجود أنفسها، و إما أن تكون عللا للمعلولات في وجود آخر، مثال الأول: تسخين
النار [13]، و مثال الثاني: تسخين الحركة، و حدوث
التخلخل من الحرارة، و أشياء كثيرة مشابهة لذلك.