الجهة فثبت أن الجهة حد لامتداد غير منقسم الا أنه بالنسبة الى الامتداد حد و طرف و بالنسبة الى الحركة جهة*

(وهم و تنبيه [في بيان الشك في كبرى القياس‌]

لعلك تقول ليس من شرط ما اليه الحركة أن يوجد فقد يتحرك المستحيل من السواد الى البياض و لم يوجد بعد البياض فان اختلج هذا فى و عمك فاعلم أن الامرين بينهما فرق و أيضا فان ما شككت به غير صائر فى العرض أما الفرق فلان المتحرك الى الجهة ليس يجعل الجهة مما يتوخى تحصيل ذاته بالحركة بل مما يتوخى بلوغه أو القرب منه بالحركة و لا يجعل لها عند تمام الحركة حالا من الوجود و العدم لم يكن وقت الحركة و أما الآخر فلان الجهة لو كانت يحصل بالحركة لها وجود كان وجودها وجود ذى وضع ليس وجود معقول لا وضع له و ذلك غرضنا على أن الفرق هو الحق و عليه بناء ما يتلو هذا الفن من الكلام)

التفسير انا دللنا على اثبات الجهة بان قلنا الجهة شي‌ء متحرك اليه الحركة و كل ما كان كذلك فهو موجود فالجهة موجودة و الشك الذي أورده هاهنا انما يمكن ايراده على كبرى هذا القياس فان المتحرك من السواد الى البياض مع أن البياض غير موجود فعلمنا أن ما يتحرك اليه الشي‌ء لا يجب أن يكون موجودا و جوابه أن الفرق ظاهر و بتقدير عدم الفرق فهو غير فادح فى مطلوبنا أما الفرق فلان لمتحرك الى الجهة لا يحاول تحصيل وجود الجهة بل يحاول الحصول فيها المتحرك الى البياض يحاول تحصيل البياض و ظهر الفرق و اما ان بتقدير عدم الفرق فهو غير قادح فى المطلوب لان الحركة الى الجهة لو كانت سببا لحصول الجهة لوجب أن يكون ذلك الشي‌ء حين حصوله مشارا اليه غير منقسم و ذلك هو المطلوب و على أن الحق هو الفرق فهذا آخر الكلام فى هذا النمط و بالله التوفيق‌

(النمط الثاني فى الجهات و أجسامها الاوّل و الثانية)

التفسير أما الجهة فقد عرفها و أما أجسامها الاولى فهى الأجسام التي هى علة لتحدد الجهات و اما أجسامها الثانية فهى التي يحصل فى الجهات بعد تحددها بغيرها مثل العناصر و بعض الافلاك و اعلم ان الكلام فى هذا النمط على قسمين احدهما الكلام على الافلاك و الثاني الكلام على العناصر* القسم الاوّل* فى الكلام على الافلاك و فيه سبع مسائل‌

* المسألة الأولى* فى أن الجهات لا تتحدد الا بجسم كرى*

(تنبيه [في إثبات جسم محدد للجهات محيط بالاجسام‌]

اعلم أن الناس يشيرون الى جهة لا تتبدل مثل جهة الفوق و السفل و يشيرون الى جهات تتبدل بالفرض مثل اليمين و الشمال فيما يلينا مثل ما يشبه ذلك فليعد عما يكون بالفرض و أما الواقع بالطبع فلا يتبدل كيف كان ذلك‌