نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 103
ببرودة الارض لان الماء للطافته يصل الى مسام اللامس و الارض
لكثافتها لا تصل و كذلك قال النحاس المذاب أقل سخونة فى نفسه من النار البسيطة و
ان كان أكثر منها فى الحس فان من أمر يده على النار بسرعة لا تحترق يده و من أمر
يده فى النحاس المذاب لا بد و أن تحترق و السبب فيه ما ذكرنا أن النار للطافتها
يسرع انفصالها عن اليد و النحاس المذاب لكثافته يبطو انفصاله عن اليد فلا جرم يكون
الاحساس بحرارة النحاس أقوى من الاحساس بحرارة النار و أما القضية الثالثة و هى أن
البالغ فى الميعان هو الهواء ففيه بحث لانه ان كان المراد من الميعان كونه بحيث
يسهل التصاقه بغيره و يسهل انفصاله عن غيره و هذا هو البلة و معلوم بالضرورة أن
الهواء ليس كذلك و ان كان المراد من الميعان كونه بحيث يقبل الاشكال الغريبة و
تركها بسهولة فهذا هو اللطافة ورقة القوام و عندنا النار أولى بذلك فانا نرى أن
الشيء كلما كان أسخن كان ألطف و أرق قواما و نرى أن الهواء كلما ازدادت سخونته
ازدادت رقته و نرى أن النار التي عندنا فى غاية اللطافة و الرقة فقوى فى ظنوننا
أنه كلما كان الشيء أسخن كان ألطف و ذلك يقتضى أن تكون النار ألطف الاجرام و
أسهلها قبولا للاشكال و لتركها ثم هب أن هذا الوجه الذي ذكرناه لا يدل على أن
النار ألطف أى أطوع للتشكل بشكل الحاصر الحاوى و لكن لا بد من الدلالة على أن
الهواء أسهل قبولا لذلك و الاتصاف انا ان فسرنا الرطوبة بالبلة كان الرطب من
العناصر الأربعة واحدا و هو الماء و الثلاثة الباقية تكون يابسة و ان فسرناها
بسهولة قبول الاشكال كان الرطب من العناصر الأربعة بلية و هى الماء و الهواء و
النار و اليابس واحد و هو الارض و أما القضية الرابعة و هى أن البالغ فى الجمود هو
الارض فذلك مما لا نزاع فيها أصلا بقى هاهنا بحثان أحدهما أن الشيخ لما ذا صرح فى
حرارة النار و برودة الماء بانهما حصلا بطبعهما حيث قال البالغ فى الحرارة بطبعه
هو النار و البالغ فى البرودة بطبعه هو الماء و لم يصرح بذلك فى ميعان الهواء و
جمود الارض و الثاني أنه لم بدأ بذكر الحرارة و ثنى بالبرودة و ثلث بالرطوبة و ربع
باليبوسة فنقول أما الأول فذلك لانه لم يشتبه على أحد أن الرطوبة و اليبوسة
مغايرتان للطبيعة النوعية التي هى العناصر الأربعة و لكن أكثر المتقدمين ذهبوا الى
أن طبيعة النار هى الحرارة و طبيعة الماء البرودة و لان اشتباه الكيفيات الفعالة
بالطبيعة الفعالة أكثر من اشتباه الكيفيات المنفعلة بها فلما وقع هذا الاشتباه فى
الكيفيتين الفاعليتين و لم يقع فى الكيفيتين المنفعليتين لا جرم أنه لما ذكر
الكيفيتين الفاعليتين ذكر انهما تصدر ان عن طبع الشيء تنبيها على كونهما مغايرتين
للطبيعتين استغنى عن ذكر ذلك و نبه أيضا على الحجة التي عول عليها فى أن حرارة
النار ليست هى نفس الصورة و هى ان الحرارة قابلة للاشد و الاضعف و ما كان كذلك لا
يكون صورة فنبه على صغرى هذا القياس بقوله البالغ فى الحرارة لانه انما يصدق أن
هذا الشيء بالغ فى الحرارة اذا كانت الحرارة قابلا للاشد و الاضعف و أما فى
الكيفيتين المنفعلتين لما لم يقع هذا الاشتباه لا جرم استغنى عن التصريح بكونهما
صادرتين عن الطبيعة و أما الثاني فلان الكيفية الفاعلة أشرف من المنفعلة و الحرارة
أشرف من البرودة لكونها مناسبة للحياة و كون البرودة منافية لها فبدأ بالحرارة و
ثنى بالبرودة ثم قدم الرطوبة على اليبوسة لان الرطوبة عند الحرارة و حافظ لها فكان
أشرف من اليبوسة و أما قوله و الهواء بالقياس الى الماء حار لطيف يشبه به الماء
اذا سخن و لطف و اعلم أن لكل واحد من العناصر الأربعة كيفيتين و كل واحدة منها فان
احدى كيفيتيه قوية و الاخرى غير قوية فلما ذكر ما لكل واحد من الكيفيات القوية شرع
بعد ذلك فى ذكر ما لكل واحد منها من الكيفيات الضعيفة فبدأ بالهواء و زعم أنه
بالقياس الى الماء حار أى له كيفية متوسطة بين الحرارة و البرودة و قد ذكرنا أن
الوسط بين الحار و البارد هو الذي يسخن بالقياس الى الماء أى يسخن بالقياس الى
الماء الذي هو بادر ثم نبه بعد الدعوى على دليل صحتها و هو قوله يشبه به الماء اذا
سخن و لطف و وجه الاستدلال أن الماء اذا سخن و لطف تبخر و المعنى بالبخار أجزاء
صغيرة هوائية مختلطة باجزاء صغيرة مائية فلما كانت
سخونة الماء مفضية لتبخره و قد ثبت أن فى البخار أجزاء هوائية دل على
أن سخونة الماء سبب لانقلابه هواء فلو لا أن السخونة أمر طبيعى للهواء و الا لما
كانت السخونة سببا لانقلاب الماء هواء و هذا الوجه اقناعى و أما قوله و الارض اذا
خليت و طباعها و لم نسخن بعلة بردت فاعلم أن المراد منه اثبات برودة الارض و استدل
عليه بأنه متى لم يسخن بعلة من خارج مثل مسامتة الشمس و سائر الكواكب فانها تبرد
بذاتها و ذلك يدل على أن البرودة طبيعة لها و أما قوله اذا خمدت النار فارقها
سخونتها فاعلم أن المراد منه اثبات يبوسة النار و استدل عليه بان النار متى زالت
السخونة عنها حدثت منها أجسام صلبة أرضية يقذفها السحاب الصاعق مثل ما ذكر فى
الشفاء من سقوط قطعة من حديد من السحاب الى الارض و من سقوط أجسام نحاسية شبيهة
بالفصل و لقائل أن يقول هذه الحجة ضعيفة جدا لان لقائل أن يقول لم قلت ان تلك
الاجسام انما حدثت بمجرد زوال الحرارة عن النار و لم لا يجوز أن يقال ان حدوثها
انما كان لان أجساما بخارية روحانية صارت لكثرة حركتها قريبة الشبه من الابخرة و
الادخنة التي منها يتكون الحديد فى
نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 103