[الفصل الخامس عشر [أنّ الهيولى الخالية عن الصّورة إذا لم تكن
مشارا اليها و لم تكن في حيّز وجهة، استحال أن تحصل في حيّز معيّن عند حلول
الجسميّة فيها]]
تنبيه: فلو فرضنا هيولى بلا صورة و كانت بلا وضع، ثمّ لحقتها
الصّورة فصارت ذات وضع مخصوص. فليس يمكن أن يقال: إنّ ذلك لأنّ الصّورة لحقتها
هناك، كما يمكن أن يقال: لو كانت في صورة توجب لها وضعا
[2] هناك، أو كان [3] قد عرض لها وضع هناك، ثمّ لحقتها الصّورة الأخرى. و إنّما ليس
يمكن فيما نحن فيه لأنّها مجرّدة بحسب هذا الفرض.
و ليس يمكن [4] أيضا أن يقال: إنّ الصّورة عيّنت لها وضعا مخصوصا من الأوضاع
الجزئيّة الّتى تكون لأجزاء كلّ واحد مثلا كأجزاء الأرض، كما يمكن أن يقال: فى
الوجه الّذى ذكرناه من تخصيص وضع جزئىّ بسبب لحوق الصّورة، و هناك وضع جزئىّ،
لحوقا يخصّص [5] أقرب المواضع الطّبيعيّة من ذلك
الموضع [6]، كالجزء من الهواء يصير ماء، فيكون
موضعه الطّبيعىّ متخصّصا بسبب موضعه الأوّل، و هو أقرب مكان طبيعىّ للمياه [7] ممّا كان موضعا لهذا الصّائر ماء، و
هو هواء [8]. و إنّما لم يكن [9] هذا أيضا؛ لأنّا جعلناها مجرّدة.
التّفسير: المقصود من هذا الفصل بيان فساد القسم الثّانى و هو أن
يقال [10]: الهيولى الخالية عن الصّورة [11] إذا لم تكن مشار إليها و لم تكن في
حيّز وجهة، استحال أن تحصل في حيّز معيّن عند حلول الجسميّة فيها؛ لأنّ حصولها فيه
على التّعيين لو كان للجسميّة أو ما يلازمها، وجب حصول كلّ الأجسام فيه. و إن كان
لأمر غير لازم [12] لجسميّته
[13]؛ أمكن حصول الجسميّة عاريا عن ذلك المخصّص، فحينئذ يجب أن لا يحصل
في حيّز معيّن؛ فالهيولى لو كانت خالية عن الجسميّة، ثمّ