نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 654
[الفصل الحادى و العشرون [فى أنّ الأثر الحاصل من اتّصال النّفس
بالعقول المفارقة بحسب الشّدّة و الضّعف على أقسام]]
إشارة: فالأثر الرّوحانى السانح للنّفس في حالتى النّوم و اليقظة
قد يكون ضعيفا، فلا يحرّك الخيال و الذّكر، و لا يبقى له أثر
[1]. و قد يكون أقوى من ذلك فيحرّك الخيال، إلّا أنّ الخيال يمعن [2] فى الانتقال و يخلّى عن الصّريح [3]، فلا يضبطه الذّكر، و إنّما يضبط
انتقالات التّخيّل و محاكياته [4] و قد يكون قويّا جدّا، و تكون
[5] النّفس عند تلقّيه رابطة الجأش، فترتسم الصّورة في الخيال [6] ارتساما جليّا. و قد تكون النّفس
بها معنيّة [7] فترتسم في الذّكر ارتساما قويّا، و
لا تتشوّش بالانتقالات. و ليس إنّما يعرض لك ذلك في هذه الآثار فقط، بل و فيما تباشره
في أفكارك [8] يقظان. فربّما انضبط فكرك في ذكرك،
و ربّما نقلت [9] عنه إلى أشياء متخيّلة تنسيك مهمّك،
فتحتاج إلى أن تحلّل بالعكس، و تصير عن السانح المضبوط إلى السانح الّذى يليه
منتقلا عنه إليه، و كذلك إلى آخر. فربّما اقتنص ما أضلّه من مهمّه الأوّل، و ربّما
انقطع عنه. و إنّما يقتنصه بضرب من التّحليل
[10] و التّأويل.
التّفسير: لمّا فرغ من بيان تلك المقدّمة رجع الآن إلى المقصود. و هو
أنّ النّفس إذا اتّصلت بالعقول المفارقة، فالأثر الحاصل منها في النّفس على أقسام:
الأوّل؛ أن يكون ضعيفا جدّا، فلا يحرّك الخيال و الذّكر، و لا يبقى معه [11] أثر
[12] منهما [13]
ألبتّة [14]. الثّانى؛ أن يكون أقوى من ذلك فيحرّك
الخيال، إلّا أنّ الخيال يمعن [15] فى الانتقال. الثّالث؛ أن يكون قويّا جدّا، فترتسم [16] الصّورة في الخيال ارتساما جليّا
تامّا.
ثمّ قال: و ليست هذه الأحوال مختصّة بحال النّوم فقط، بل هى حاصلة
أيضا عند اليقظة.
فإنّك إذا تفكّرت في أمور فربّما انضبط فكرك في ذكرك؛ و ربّما انتقلت
عن مطلوبك إلى أمور آخر بحيث تنسى مهمّك، فتحتاج في تذكّر ذلك المطلوب إلى أن
تحلّل [17] بالعكس. و ذلك التّحلّل قد يؤدّيك إلى
وجدان ذلك المطلوب [18]
تارة، و قد لا يؤدّيك [19]
إليه [20] أخرى.