نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 650
كان اشتغالها بالشّواغل أقلّ؛ و كان يفضل منها [1] عن الجانب الآخر فضله أكثر. فإذا
كانت شديدة القوّة كان هذا المعنى فيها قويّا. ثمّ إذا كانت مرتاضة كان تحفّظها عن
مضادّات الرّياضة و تصرّفها في مناسباتها أقوى.
التّفسير: المقصود [2] من هذا الفصل بيان أمرين: الأوّل؛ أنّ النّفس إذا كانت قويّة، قويت
على حفظ عين [3] ما أدركته، و لم تنتقل عنه [4] إلى ما يحاكيه. و أمّا إذا كانت
ضعيفة، ضعفت عن حفظ [5]
المدركات، فربّما انتقلت من الشّىء إلى ما يحاكيه
[6] و يشاركه [7]
من [8] بعض الوجوه. ثمّ من ذلك المحاكى إلى
ما يحاكيه مرّة أخرى، و لا يزال ينتقل من الشّىء إلى ما يحاكيه [9] إلى أن يصل إلى أمر لا يناسب المدرك
الأوّل بوجه من الوجوه. و هذا المعنى أنّما يكون لاستيلاء القوّة المتخيّلة و ضعف
النّفس عن إصلاحها و تثقيفها [10].
الثّانى؛ أنّ النّفس إذا قويت جدّا لم يكن اشتغالها بتدبير البدن
عائقا لها عن اتّصالها بالعالم العقلى و استفادتها ممّا هنالك [11]. و بالجملة فالنّفس القويّة تكون [12] وافية بالجانبين، أعنى: الجانب
العقلى، و الجانب البدنى. و لا يكون التفاتها إلى أحد الجانبين عائقا لها [13] عن الالتفات إلى الجانب الآخر [14]. ثمّ هذه النّفس إذا كانت مع قوّتها
مرتاضة، كان تحفّظها [15]
عن مضادّات الرّياضة و تصرّفها فيما يناسب تلك الرّياضات أقوى.
[الفصل الثّامن عشر [فى بيان سبب مشاهدة الصّور حال النّوم و
المرض]]
تنبيه: و إذا [16] قلّت الشّواغل الحسّيّة، و بقيت شواغل
[17] أقلّ، لم يبعد أن تكون للنّفس فلتات تخلّص عن شغل التّخيّل إلى
جانب القدس، فانتقش فيها نقش من الغيب فساح إلى عالم التّخيّل، و انتقش في الحسّ
المشترك. و هذا في حال النّوم أو في حال مرض ما يشغل الحسّ و يوهن التّخيّل.