نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 65
صلوح موضوع لحوقا سابقا، ثمّ تبع
[1] ذلك أن صار ما هو كالجزء بحالة
[2] مخالفة»
؛ معناه أنّ العذر [3] الّذى ذكرناه [4] فى الفلك هو أنّ ذلك الشّكل كان ممكن الوجود في نفسه، و كانت القوّة
السارية في كلّيّة الفلك موجبة له، و كان الموضوع صالحا مستعدّا لقبوله، فلا جرم
حصل ذلك الشّكل لكلّه، و ذلك يقتضى أن لا يحصل مثل ذلك
[5] الشّكل للجزء [6] الّذى يفرض [7] بعد ذلك.
فهذا هو العذر [8] الّذى ذكرناه في الفلك، و لا يمكن أن يذكر مثله في الجسميّة القائمة
لا في مادّة، فظهر الفرق. و الحاصل من الجواب تسليم أنّ الجزء من الفلك قد حصل له [9] ما يقتضى تشكّله بشكل الكلّ، و لكن
امتنع ذلك لمانع [10]
و هو كونه جزءا [11].
فإذا قيل: الجسميّة القائمة بنفسها لم لا يجوز [12] أن يقال: إنّ جزئها أنّما لم يتشكّل
بشكل الكلّ لأنّ كونه جزءا لذلك الكلّ منع عن ذلك؟ فجوابه [13]: أنّ الاختلاف بالكلّيّة و الجزئيّة
أنّما يحصل بسبب المادّة، فلمّا كانت الصّورة الفلكيّة مادّيّة صحّ كلامنا فيها، و
لم يصحّ في الصورة المجرّدة عن المادّة.
و لقائل أن يقول: الّذى تذكرونه من أنّ الاختلاف بالكلّيّة و
الجزئيّة أنّما يكون لأجل المادّة غير صحيح؛ لأنّ مادّة جزء الصّورة الفلكية إمّا
أن تكون عين [14] مادّة كلّ تلك الصّورة، أو تكون [15] جزءا من تلك المادّة. فإن كان الأوّل
كان كلّ تلك الصّورة [16]
و جزئها حالّين في محلّ واحد، مع أنّ تلك الصّورة و جزئها متساويان في الماهيّة،
فلم تكن الهيولى بأن تجعل إحديهما كلّا و الآخر جزءا أولى [17] من العكس. و إن جاز ذلك فليجز [18] أن تكون الجسميّة المشتركة بين الكلّ [19] و الجزء تقتضى لشىء أن يكون كلّا و
لآخر أن يكون جزءا. و إن كان الثّانى كانت الهيولى مخالفة لجزئها بالكلّيّة و
شرح الإشارات و التنبيهات (الفخر الرازي
)، ج2، ص: 66
الجزئيّة. فإن كان ذلك لهيولى
[1] أخرى تسلسل. و إن لم يكن للهيولى لم يكن الاختلاف بالكلّيّة و
الجزئيّة موقوفا على كون الشّىء في الهيولى، فلا يلزم من عدم حلول [2] الجسميّة في الهيولى أن لا يحصل فيها
اختلاف بالكلّيّة و الجزئيّة.
فلئن [3]
قالوا: هذا المحال [4]
إنّما يلزم لو كان كلّ [5] الصّورة و جزؤها معا في الوجود و في الحلول في تلك الهيولى [6] حتّى يقال: ليست الهيولى بأن تجعل
أحدهما كلّا و الآخر جزءا أولى من العكس، لكن ليس الأمر كذلك. فإنّ كلّ الصّورة
يحلّ [7] فى الهيولى، ثمّ يحصل بعد ذلك جزء
الصّورة إمّا لتوهّم، أو اختلاف اعراض. و لمّا تقدّم الكلّ على الجزء، كان كلّ
الصّورة [8] أولى بأن يصير كلّا من جزئها.
فنقول: الآن صدقتم، لكن إذا صحّ ذلك فلم لا يجوز أن يقال: الجسميّة
الموجودة لا في مادّة [9]
يكون وجود كلّيّتها [10]
سابقا على وجود جزءها [11]،
فلا جرم كان السابق أولى بالكلّيّة من الجزء المتأخّر في الوجود. و إذا [12] ثبت أنّ الجسميّة المجرّدة يمكن وقوع
الاختلاف فيها بالكلّيّة [13] و الجزئيّة لم يبق بينها و بين الصّورة الفلكيّة فرق [14].
المسئلة السادسة فى امتناع خلّو الهيولى عن الصّور الجسميّة