نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 646
لأنّ النّفس النّاطقة لا تدرك الجزئيات، و لا ترتسم فيها صور
المحسوسات [1]، فهى إذن مرتسمة في قوّة جسمانيّة
تبصر المبصرات. و هى إمّا القوّة [2] الباصرة [3]،
و هو باطل؛ لأنّ هذا الإنسان ربّما كان أعمى، و لأنّه ربّما شاهد [4] ذلك بالّلّيل، و لأنّ البصر لا يدرك
إلّا الموجود في الخارج. فعلمنا أنّ في البدن قوّة جسمانيّة غير القوّة الباصرة، و
هى [5] الّتى أدركت هذه الصّور.
فثبت بما ذكرنا أنّ الحسّ المشترك قد يشاهد صورا لا وجود لها في
الخارج ألبتّة. و إذا ثبت أنّ هذه الصّور ما وردت عليه من الخارج [6]، وجب أن يكون ورودها عليه من الدّاخل [7]. و ذلك إذا كان في خزانة الخيال صور [8] مخزونة، فإذا انتقلت إلى الحسّ
المشترك صارت محسوسة. أو تركّب [9] القوّة المتخيّلة صورا [10] ترتسم تلك الصّور في الحسّ المشترك.
و اعلم أنّه كما يجوز أن ترتسم الصّور المحسوسة بالحواسّ الظّاهرة في
الحسّ المشترك ثمّ تنتقل إلى خزانة الخيال، فكذلك لا بأس بأن تنتقل [11] الصّور الموجودة في خزانة الخيال أو
الصّور الّتى تركّبها [12]
المتخيّلة إلى الحسّ المشترك؛ لأنّ الحال فيها قريب من الحال بين المرايا
المتقابلة.
و لقائل أن يقول: قد بيّنّا فيما مضى أنّكم إذا جوّزتم في الشّىء [13] المبصر أو المسموع أن [14] لا تكون موجودا في الخارج، كانت
السفسطة لا زمة لكم بحيث لا يكون لكم عنها محيص.
[الفصل الرّابع عشر [فى بيان ما يمنع النّفس عن الانتقاش و هو:
إمّا يرجع إلى الحسّ المشترك إذا كان مشغولا بالصّور المحسوسة؛ و إمّا يرجع إلى
القوّة المفكّرة إذا كانت مشغولة بخدمة العقل أو الوهم]]
تنبيه: ثمّ إنّ [15] الصّارف عن هذا الانتقاش شاغلان: حسّى خارج
[16] يشغل لوح الحسّ المشترك بما يرسمه فيه عن غيره كأنّه يبزّه عن
الخيال بزّا و يغصبه منه [17] غصبا؛ و عقلىّ باطن أو وهمىّ باطن يضبط التّخيّل عن الاعتمال [18] متصرّفا فيه بما يعينه [19]. فيشتغل
[20] بالإذعان له عن التّسلّط على الحسّ المشترك، فلا يتمكّن من النّقش
فيه؛ لأنّ حركته ضعيفة لأنّها تابعة لا متبوعة. و إذا سكن
[21]