نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 616
أنّ الزّكاء [1] إشارة إلى الزّهد، و هذا إشارة إلى العبادة.
السبب الثّالث من أسباب الرّياضة تلطيف السرّ
[2]. و المراد منه جعل السرّ مستعدّا للتّوجّه إلى تلك القبلة. فإنّه
كما أنّ الإبصار مسبوق بالنّظر [3] الّذى هو عبارة عن تحريك الحدقة إلى سمت المرئى التماسا لرؤيته، و
السماع [4] مسبوق بالإصغاء، فكذا [5] الإدراكات العقليّة مسبوقة بتلطيف
الذّهن، و تجريده عن الغفلات، و تحديق القوّة
[6] العاقلة نحو المطلوب. و هذه الحالة
[7] يجدها العاقل عند النّظر و التّفكّر، فكأنّه
[8] يحدق العقل نحو المطلوب و يوجّهه إليه. و إذا عرفت المراد من تلطيف
السرّ، فنقول: إنّه يعين عليه أمران:
فالأوّل [9]
الفكر اللّطيف. أمّا الفكر فلأنّه يفتقر [10] فيه إلى تحديق العقل نحو المطلوب، فإذا مارس الإنسان الفكر حصلت له
ملكة التّحديق [11]. و أمّا اللّطيف [12] فلأنّ الفكر قد يكون شاقّا شديدا كما
في حقّ المبتدئين، و قد يكون سهلا كما في حقّ من كثرت ممارسته له، و ذلك هو
المنتفع به.
و الثّانى العشق العفيف. فإنّ العاشق الّذى هذا شأنه، يكون مترصّدا
لأحوال معشوقه في حركاته و سكناته، و حضوره و غيبته، و رضاه و سخطه. فيكون توجّه [13] الذّهن أبدا إلى استقراء أفعاله [14] و تصفّح أقواله
[15]، فيحصل [16]
له بذلك ملكة تلطيف السرّ. و لذلك يحكى أنّه رؤى مجنون بنى عامر فى المنام، فقيل
له: ما فعل اللّه بك؟ فقال: جعلنى حجّة على من يدّعى محبّة
[17]. و هذا آخر غرضنا من [18] هذا الفصل.
[الفصل التّاسع [فى بيان أوّل منزل من منازل الوجدان، و هو ما
يسمّى عند العارف بالوقت]]
إشارة: ثمّ إنّه إذا بلغت به الإرادة و الرّياضة حدّا ما عنّت له
خلسات من اطّلاع نور الحقّ عليه [19]