نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 598
مبنىّ على أنّه تعالى عالم بالجزئيّات و فاعل بالاختيار، و القوم
ينكرونه. فكيف يستقيم لهم هذا الكلام؟
و كذا القول في زجر الخلق عن المعاصى لا يستقيم على قولهم؛ لأنّ حاصل
القول عندهم في عقاب العاصى [1]: أنّ النّفوس [2] الّتى اشتدّ ميلها إلى الدّنيا و علائقها، إذا فارقت أبدانها [3]، اشتاقت إليها مع أنّها لا يصل إليها،
فتقع في العذاب. فأمّا لو قدّرنا أنّ إنسانا قتل أشخاصا و
[4] أغار على أموالهم، ثمّ نسى ذلك و غفل عنه، و مات على هذه الحالة،
وجب أن لا يعذّب [5] بسبب ذلك؛ لأنّ العذاب بسبب الشّوق، و
قد فرضنا نفسه خالية عن الشّوق. فعلمنا أنّ ذلك لا يستقيم على أصول الفلاسفة.
و اعلم أنّ السبب في وقوع أمثال هذه الكلمات في ألسنة الفلاسفة [6] أنّهم كرهوا التّصريح بملخّص مذهبهم و
محصّل معتقدهم [7]، فأرادوا التّشبّه [8] بالملّيّين
[9] فى إطلاق هذه الألفاظ. و المحقّق لا يخفى عليه أنّ شيئا منها لا
يستمرّ [10] على أصولهم
[11].
المسئلة الخامسة فى أنّ العارف يريد اللّه تعالى لا لغيره[12]
[الفصل الخامس [فى بيان أنّ غرض العارف هو الحقّ الأوّل]]
إشارة: العارف يريد الحقّ الأوّل لا لشىء غيره، و لا يؤثّر شيئا
على عرفانه. و تعبّده له فقط، و لأنّه مستحقّ للعبادة
[14]، و لأنّها نسبة شريفة إليه لا لرغبة أو رهبة
[15]. و إن كانتا فيكون المرغوب فيه أو
[16] المرهوب عنه هو الدّاعى، و فيه المطلوب. و يكون الحقّ [17] ليس
[18] الغاية، بل الواسطة إلى شىء غيره
[19]