نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 594
المسئلة الرّابعة فى أنّه لا بدّ من وجود النّبىّ (ع)
فصل واحد.
[الفصل الرّابع [فى إثبات النّبوّة و الشّريعة]]
إشارة [1]:
لمّا لم يكن الإنسان بحيث يستقلّ وحده بأمر نفسه إلّا بمشاركة آخر من بنى [2] جنسه، و بمعاوضة و معارضة [3] تجريان بينهما، يفرّغ كلّ واحد
منهما لصاحبه عن مهمّ لو تولّاه بنفسه لازدحم على الواحد كثير، و كان [4] ممّا يتعسّر إن أمكن، وجب أن يكون
بين النّاس معاملة و عدل يحفظه شرع، يفرضه شارع متميّز باستحقاق الطّاعة لاختصاصه
بآيات تدلّ على أنّها من عند ربّه، و وجب أن يكون للمحسن و المسىء جزاء من عند
القدير [5] الخبير، فوجب معرفة المجازى و
الشّارع. و مع المعرفة سبب حافظ للمعرفة، ففرضت عليهم العبادة المذكّرة للمعبود، و
كرّرت عليهم [6] ليستحفظ التذكير بالتّكرير، حتّى
استمرّت الدّعوة إلى العدل المقيم لحياة النّوع. ثمّ زيد لمستعمليها بعد النّفع
العظيم في الدّنيا، الأجر الجزيل في الأخرى. ثمّ زيد للعارفين من مستعمليها
المنفعة الّتى خصّوا بها، فيما هم مولّون وجوههم شطره. فانظر إلى الحكمة، ثمّ
الرّحمة و النّعمة [7]؛ تلحظ جنابا
[8] تبهرك عجائبه. ثمّ أقم و استقم.
التّفسير: لمّا شرح ماهيّة الزّاهد و العابد و العارف أوّلا، ثمّ
بيّن غرض العارف و غيره من الزّهد و العبادة، حاول في هذا الفصل إقامة الدّلالة
على وجود العارف. و هى [9]
الدّلالة الّتى بها يحتجّ الفلاسفة على أنّه لا بدّ من وجود
[10] النّبىّ؛ لأنّه لمّا كان أجلّ البشر العارفون، و كان النّبىّ أجلّ
العارفين و سيّدهم، لا جرم كانت الدّلالة الدّالّة
[11] على وجود النّبىّ عليه السلام دالّة
[12] على وجود العارف.
و أمّا تقرير تلك الدّلالة فهو أنّ الإنسان لا يكمل معيشته إلّا عند
اجتماع أشخاص كثيرة منه في