نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 556
علىّ بالسّلامة في أكثر الأحوال حتّى كأنّى كنت ممتازا عن الأكثرين
في ذلك، إذا رجعت إلى نفسى و قابلت اللذّات الحقيقيّة- لست أقول [1] الأمور العدميّة بالآلام الجليّة و الخفيّة
كما [2] عدّدناها- وجدنا
[3] اللذّات حقيرة في جنب الآلام. و إذا كان الأمر كذلك، فكيف يكون مثل
هذه اللذّات في مقابلة هذه الآلام مرغوبا فيها. و لو لا ما نرجوه من اللذّات
العظيمة الأخرويّة [4]، و إلّا لكان العدم المستمرّ [5] أولى
[6].
[الفصل الرّابع و العشرون [فى دفع ما يوهم بأنّ الشّرّ غالب]]
وهم و تنبيه: و لعلّك تقول إنّ أكثر النّاس الغالب عليهم الجهل، و
طاعة الشّهوة و الغضب.
فلم صار هذا الصنف منسوبا فيهم
[7] إلى أنّه نادر؟ فاسمع أنّه كما أنّ أحوال البدن في هيئة ثلاثة: حال
البالغ في الجمال و الصّحّة، و حال من ليس ببالغ فيهما، و حال القبيح و المسقام أو
السقيم. و الأوّل و الثّانى ينالان من السعادة العاجلة
[8] البدنيّة قسطا وافرا أو معتدلا أو يسلمان. كذلك حال النّفس في
هيئتها ثلاثة: حال البالغ في فضيلة العقل و الخلق، و له الدّرجة القصوى في السعادة
الأخرويّة. و حال من ليس له ذلك لا سيّما في المعقولات إلّا أنّ جهله ليس على
الجهة الضّارّة في المعاد، و إن كان ليس له كثير ذخر من العلم جسيم النّفع في
المعاد، إلّا أنّه في جملة أهل السلامة و نيل حظّ ما
[9] من الخيرات الآجلة. و آخر كالمسقام و
[10] السقيم هو عرضة للأذى [11] فى الآخرة. و كلّ واحد من الطّرفين نادر، فالوسط فاش غالب. و إذا
أضيف إليه الطّرف الفاضل، صار لأهل النّجاة غلبة وافرة.
التّفسير: الغرض من هذا السؤال
[12] القدح فيما ذكر [13] من أنّ الخير [14] غالب. و تقريره أنّا نرى الجهل و الطاعة
[15] الشّهوة [16]
و الغضب غالبا على الخلق. و كلّ ذلك شرور [17]؛ لأنّها أسباب العقاب. و على هذا التّقدير الشّرّ غالب. ثمّ أجاب
عنه: بأنّه كما أنّ أحوال البدن [18] فى الجمال و الصّحّة [19] على