إلى آخره [2]؛
فالمراد منه البحث المعنوىّ الّذى ذكرناه، و لكنّه لم يصرّح بأنّ الغرض منه البحث
عن [3] الأمر المفتقر إلى الفاعل، أو البحث
عن علّة الافتقار. لكن الأوّل أولى، لأنّا لو
[4] حملناه على البحث الثّانى لم يكن كون الحدوث صفة واجبة للمحدث
منافيا لكونه علّة للحاجة [5]. فإنّ الإمكان صفة واجبة للممكن، و ذلك لم يقدح في كونه علّة
للحاجة، فكذلك ههنا. و أيضا فبتقدير أن يكون المراد هو البحث الثّانى لم يكن قوله [6]: علّة الحاجة
[7] إمّا العدم السابق، أو الوجود الحاصل، أو الحدوث؛ تقسيما حاصرا لأنّ
الحقّ عنده أنّ علّة الحاجة إلى المؤثّر هى الإمكان، و هو قسم رابع مغاير للأقسام
الثّلاثة الّتى ذكرها. فظهر أنّ حمل هذا الكلام على الأوّل أولى.
و قوله [8]:
«فبقى أن يكون تعلّقه من حيث هو هذا الوجود: إمّا وجود ما ليس بواجب الوجود، و
إمّا وجود ما [9] يجب أن يسبق وجوده العدم»
معناه [10]
أنّه لمّا بطل القسمان الأوّلان بقى أن يكون المفتقر إلى المؤثّر إمّا الوجود
الممكن، أو الوجود المحدث.
[الفصل الثّالث [فى سبب احتياج المفعول إلى الفاعل]]
تكملة [11]
و إشارة [12]: و الآن لنعتبر [13] أنّه لأىّ
[14] الأمرين يتعلّق؟ فنقول: إنّ مفهوم كونه غير واجب الوجود بذاته، بل
بغيره [15]، لا يمنع أن يكون على أحد قسمين:
أحدهما واجب الوجود بغيره دائما، و الثّانى واجب الوجود بغيره وقتا ما. فإنّ هذين
يحمل عليهما واجب الوجود بغيره، و يسلب عنهما واجب الوجود بذاته من حيث المفهوم،
أو يمنع شىء من خارج.
و أمّا مسبوق العدم فليس له إلّا وجه واحد و هو في مفهومه أخصّ من
مفهوم الأوّل، و