نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 326
ثمّ هذا الجوهر ليس هو العقل المجرّد؛ لأنّ كلّ ما يقصد إلى فعل شىء
فإنّه لا بدّ و أن يكون مستكملا بذلك الفعل، على ما سنقيم الدّلالة عليه [1] فى أوّل النّمط السادس، و كلّ ما كان
مستكملا لم يكن عقلا مجرّدا بل كان نفسا. فقد ثبت القول بالنّفس النّاطقة الفلكيّة
بهذا الطّريق، لكنّ الشيخ لمّا ذكر أصل الدّلالة، و لم يتمّها على التّفصيل كما
ذكرناها، و لم يصرّح بالنّتيجة [2]، لا جرم أبهم القول فيه و ذكر أنّ فيه سرّا.
[الفصل التّاسع و العشرون [فى إثبات أنّ للفلك مبدءا ذا إرادة
جزئيّة]]
تنبيه: الرّأى الكلّىّ لا ينبعث منه شىء مخصوص جزئىّ، فإنّه لا
يتخصّص بجزئى منه دون [3] آخر إلّا بسبب مخصّص لا محالة يقترن به، ليس هو وحده.
و المريد من الحيوان بقوّته الحيوانيّة للغذاء إنّما يريده [4] و يتخيّل له غذاء جزئىّ، فتنبعث منه
إرادة حيوانيّة جزئيّة [5]. و هناك يطلب الغذاء بحركته، و إنّما يتخيّل له على الجهة [6] الجزئيّة. و إن كان لو حصل له
شخصىّ [7] آخر بدله لم يكرهه، بل قام مقامه.
فليس ذلك دليلا على أنّه كان ذلك متمثّلا عنده. و كذلك في قطع المسافة يتخيّل له
حدود جزئيّة إيّاها يقصد، و ربّما كان ذلك التّخيّل مقطوعا، و ربّما كان متجدّد
الوجود نحو ما تجدّد [8]
الحركة المستمرّة على الاتّصال. و ذلك لا يمنع الشّخصيّة و الجزئيّة في التّخيّل
كما لا يمنع في الحركة. و لمثل هذا ما تتخصّص الإرادة بشىء جزئىّ حتّى يكون. و
الإرادة الكلّيّة مقابلها مراد كلّىّ و لا يجب له تخصّص
[9] جزئىّ. و نحن أيضا فربّما قضينا قضاء كلّيّا من مقدّمات كلّيّة
فيما يجب أن يفعل، ثمّ أتبعناها قضاء جزئيا ينبعث منها شوق و إرادة متعيّنان ضربا
من التّعيّن الوهمىّ؛ فتنبعث [10] القوّة المحرّكة إلى حركات جزئيّة تصير هى مرادة لأجل المراد
الأوّل.
التّفسير: لمّا فرغ من المطلوب الأوّل، و هو إثبات أنّ للفلك مبدءا
ذا إرادة [11] كلّيّة، شرع الآن