ثمّ لقائل أن يقول: إنّ الشيخ لمّا حكم بأنّ [3] الجوهر المستقلّ إذا قارنه معنى معقول
فإنّه يمكنه أن يجعله [4] متصوّرا؛ لزمه أن يعترف بأنّ مقارنة الماهيّة للذّات مغايرة لكون
تلك الماهيّة متصوّرة؛ لأنّه حكم بأنّ بعد حصول المقارنة يمكن جعله متصوّرا، و لو
لا أنّ المتصوّرية مغايرة لنفس المقارنة لما صحّ ذلك. و متى اعترف الشّيخ بأنّ
الشّعور غير المقارنة، سقط أصل الدّليل على ما مرّ
[5].
[الفصل الحادى و العشرون [فى دفع ما يوهم من أنّ للمقارنة شرط و
هو أنّ الوجود الذّهنى كان شرطا لصحّة تلك المقارنة و الوجود الخارجى كان مانعا
منها]]
وهم و تنبيه: أو لعلّك تقول: إنّ هذا الجوهر و إن كان لا مانع له
بحسب ماهيّته النّوعيّة، فله مانع من حيث شخصيّته الّتى ينفصل بها عن المرتسم من
معناه في قوّة عاقلة تعقله. فيكون جوابك:
أنّ هذا الاستعداد لتلك الماهيّة إن كان من لوازم الماهيّة كيف
كانت فقد سقط تشكّك [6].
و إن [7] كان
[8] إنّما تكتسبه عند الارتسام في العقل، فيكون الاستعداد أنّما
يستفاد مع حصول الاكتساب له. فيكون لم يكن استعداد للشّىء [9] حتّى حصل، فاستعدّ له. أو لم يكن
استعداد لشىء و قد كان ذلك الشّىء و حدث
[10]. و هذا كلّه محال. فيجب إذن أن يكون هذا الاستعداد قبل المقارنة،
فهو للماهيّة بل [11]
لعلّ الاستعدادات الخاصّة لبعض ما يقارن تتلو المقارنة الأولى. و ذلك فاعلم أنّ
لماهيّة المعنى الجنسى استعدادا لكلّ فصل له؛ فإن لم يكن له خروج إلى الفعل فلمانع
يطول الكلام فيه، فكيف في [12] المعنى المحقّق النّوعى؟
التّفسير: هذا شكّ أورده على قوله: إنّ الماهيّة لمّا صحّ عليها أن
يقارنها [13] غيرها
[14] حين كانت عقليّة، وجب أن يصحّ عليها هذه المقارنة مطلقا. و تقرير
الشّكّ أنّ هذه الماهيّة [15] الذّهنيّة مخالفة للماهيّة الخارجيّة من حيث أنّ إحداهما ذهنيّة و
الأخرى خارجيّة، فلم لا يجوز أن يقال: إنّ الوجود