نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 214
الفصل السادس [فى أنّ النّفس شىء واحد و له فروع و قوى منبثّة في
الأعضاء]]
إشارة: فهذا الجوهر فيك واحد، بل هو أنت عند [1] التّحقيق. و له فروع و قوى منبثّة
في أعضائك. فإذا أحسست بشىء من أعضائك شيئا، أو تخيّلت، أو اشتهيت، أو غضبت [2]، ألقت العلاقة الّتى بينه [3] و بين هذه الفروع هيئة [4] فيه، حتّى تفعل بالتّكرّر [5] إذعانا ما. بل عادة و خلقا
يتمكّنان [6] من هذا الجوهر المدبّر تمكّن
الملكات. و كما يقع بالعكس؛ فإنّه كثيرا ما يبتدىء، فتعرض فيه هيئة ما عقليّة،
فتنقل العلاقة من تلك الهيئة أثرا إلى الفروع، ثمّ إلى الأعضاء [7].
انظر أنّك إذا استشعرت جانب اللّه، و فكّرت في جبروته، كيف يقشعّر
جلدك و يقفّ شعرك [8].
و هذه الانفعالات و الملكات قد تكون أقوى، و قد تكون أضعف. و لو لا هذه الهيئات [9]، لما كان نفس بعض النّاس بحسب
العادة أسرع إلى التّهتّك [10]، أو إلى الاستشاطة غضبا من نفس بعض.
التّفسير: لمّا بيّن أنّ [11] الشّىء الّذى يشير إليه [12] كلّ واحد منّا بقوله: أنا و أنت؛ ليس بجسم
[13]، و لا مزاج الجسم [14]، و لا ما يتبع المزاج، و أنّه هو العلّة لامتزاج العناصر، و الحافظ
لذلك الامتزاج، ذكر أنّ ذلك الشّىء واحد. و هذا ظاهر لا يحتاج فيه إلى الحجّة؛
لأنّ ذلك الشّىء هو هويّة الإنسان، و كلّ إنسان
[15] يقطع بأنّه شىء واحد لا شيئان. فإنّى أعلم بالضّرورة أنّى لست
شيئين بل شيئا واحدا، فلذلك لم يشتغل بإقامة الحجّة عليه.
و أمّا قوله: «و له فروع و قوى
منبثّة»
؛ فذلك لأجل أنّ النّفس لمّا كانت واحدة، و الشّىء الواحد يستحيل أن
يكون مبدءا للأفاعيل المختلفة عند الشّيخ؛ ثمّ إنّ
[16] الأفاعيل الحيوانيّة قد يقع فيها ما تكون متضادّة، فإنّ الغضب يزاول
ضدّ ما يزاوله الشّهوة، فإذن لا بدّ و أن تكون للنّفس قوى؛ و أن تكون النّفس مبدءا
لها، إذ لو كان كلّ واحد من تلك القوى مستقلّة بنفسها
[17] لم يكن فعل بعضها [18]