[الفصل السادس و العشرون [فى بيان حكمة الصّانع في خلق الأصول و
الأمزجة و إعداد كلّ مزاج لصورة نوعيّة]]
تنبيه: انظر إلى حكمة الصّانع، بدأ فخلق أصولا، ثمّ خلق منها أمزجة
شتّى، و أعدّ كلّ مزاج لنوع، و جعل أخرج
[3] الأمزجة عن الاعتدال لأخرج
[4] الأنواع عن الكمال [5]، و جعل أقربها من الاعتدال الممكن مزاج الإنسان لتستوكره نفسه
النّاطقة.
التّفسير: لمّا بيّن الشّيخ أنّ المزاجات
[6] إنّما تتركّب عن هذه الأصول الأربعة، بيّن حكمة اللّه تعالى في ذلك.
و هى أنّه سبحانه و تعالى خلق من هذه الأربعة
[7] أمزجة [8]
مختلفة، و أعدّ كلّ مزاج لصورة نوعيّة، و جعل أخرجها عن الاعتدال لأبعد الصّور عن
الكمال، و أقربها إلى [9] الاعتدال الممكن مزاج الإنسان لتتعلّق به نفسه النّاطقة تعلّق
التّدبير و التّصرّف.
و الشّيخ جرى في هذا الفصل على قانون الخطابة و إلّا فكلّ مزاج
مستعدّ [10] لذاته لقبول صورة، و ما كان ثابتا
للشّىء لذاته استحال أن يكون بجعل غيره. و مثال ذلك ما بيّنه في أوّل النّمط
الخامس أنّ وجود المحدث و إن كان بفعل فاعل، و لكن
[11] كونه مسبوقا بالعدم ليس بفعل الفاعل بل لذاته.
فكذلك وجود المزاج و إن كان بالفاعل لكن
[12] استعداده لقبول الصّورة النّوعيّة ليس بالفاعل بل لذاته.
و أيضا فكلامه مشعر بأنّ المزاج مهما
[13] كان أقرب إلى الاعتدال كانت الصّورة الحاصلة له أكمل. و هذا فيه
بحث، فإنّ المباحث الطّبيّة [14] شهدت على أنّ أعدل [15] الأعضاء جلد الأصابع، و