وهم و تنبيه: و لعلّك تقول: لا استحالة في الكيف أيضا و في
الصّورة، و لم يسخن الماء في جوهره، بل فشت فيه أجزاء ناريّة داخلته [3]. و لا ما يظنّ أنّه برد [4]، بل فشت فيه أجزاء جمديّة مثلا.
فإن قلت ذلك [5] فاعتبر حال المحكوك، و المخلخل، و المخضخض [6] حين يحمى من غير وصول ناريّة غريبة
إليه. و اعتبر حال المسخّن في مستحصف، و في متخلخل؛ هل يمنع الاستحصاف نفوذ ما
يسخن بالفشو فيه [7]
على نسبة قوامه؟ و هل الامتلاء من مصموم
[8] مفدوم [9] يمنع البلاغ في التّسخّن بمنع
[10] الفشو إذا كان لا يخرج منه شىء يعتدّ به حتّى يخلف [11] مكانه فاش يعتدّ به؟ و اعتبر القماقم
الصيّاحة. و انظر ما بال الجمد يبرّد ما فوقه، و البارد من أجزائه لا يصعد لثقله.
التّفسير: لمّا رجع حاصل القول في المزاج إلى أنّه كيفيّة تحدث عند
استحالات مخصوصة للعناصر [12]، وجب إثبات القول بالاستحالة ليتفرّع عليه القول بصحّة المزاج.
و اعلم أنّه لمّا كانت العناصر أربعة، و لكلّ واحد منها كيفيّتان [13]، وجب أن تكون أقسام الاستحالة ثمانية
هى هذه [14]: استحالة الأرض رطبا أو حارّا؛
استحالة الماء حارّا أو يابسا؛ استحالة الهواء
[15] باردا أو يابسا؛ استحالة النّار باردة أو رطبة. ثمّ إنّه لا يلزم من
صحّة استحالة جسم إلى كيفيّة جسم آخر صحّة
[16] استحالة ذلك الجسم الآخر إلى كيفيّة الأوّل. مثلا [17] لا يلزم من صحّة تسخّن الماء