و إذا ثبت أنّ كلّ واحد منها فرّار
[2] عن مكان الآخر، وجب أن يكون كلّ واحد منها مخالفا [3] بطبعه للآخر
[4]، و إلّا لكان المكان الواحد ملائما لجسم و منافرا لمثله؛ و أنّه
محال. و اعلم أنّ هذا الفصل بناء على [5] الفرق بين [6] الحال المقوّم و الحال الغير المقوّم، و الكلام فيه قد مرّ [7].
[الفصل التّاسع عشر [فى سبب ترتيب العناصر في أمكنتها]]
تنبيه: من ظنّ أنّ الهواء يطفو فوق
[9] الماء لضغط ثقل الماء إيّاه، مجتمعا تحته، مقلّا له لا بطبعه [10]، كذّبه أنّ الأكبر يكون [11] أقوى حركة و أسرع طفوا، و القسرىّ
يكون بالضدّ من هذا. و كذلك [12] فى الحركات الأخر.
التّفسير: المحصّلون من الحكماء اتّفقوا على أنّ الأرض في المركز، و
يحيط بأكثرها الماء، و يحيط بالماء الهواء
[13]، و يحيط بالهواء النّار، و يحيط بالنّار الفلك. ثمّ الأكثرون من
الحكماء زعموا أنّ هذا التّرتيب طبيعىّ لهذه الأجسام. و منهم من زعم أنّ الأجسام
كلّها طالبة للمركز إلّا [14] أنّ الأثقل أسبق إليه، و متى وصل الأسبق إليه ضغط الأخفّ و [15] طفى
[16] الأخفّ عليه؛ فهذا هو السبب في هرب بعضها عن حيّز البعض.
و ربّما أمكن [17] جعل هذا المذهب سؤالا [18] على الكلام المتقدّم على هذا الفصل، فإنّ على هذا التقدير لا يلزم
من هرب بعضها عن حيّز البعض اختلافها بالنّوع، بل يكفى في ذلك مجرّد