نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 135
بامتناعه، و صاحب المعتبر جوّزه. و احتجّ من منع منه بأنّ الميل
توجّه إلى جهة، فلو حصل في الجسم الواحد ميلان إلى جهتين لكان متوجّها دفعة واحدة
إلى جهتين، و هو محال.
و لقائل أن يقول: إنّكم تجوّزون أن يتحرّك الجسم الواحد دفعة واحدة
إلى جهتين: إحداهما بالذّات، و الأخرى بالعرض. فإذا جوّزتم ذلك فبأن تجوزوا كون
الجسم الواحد متوجّها إلى جهتين أولى.
و احتجّ المجوّزون بأنّ الحجرين المتساويين إذا رمى أحدهما قوىّ، و
الآخر ضعيف، كان صعود الحجر الّذى رماه القوىّ أسرع من صعود الآخر [1]. و لو لا بقاء الميل الطّبيعىّ
المعاوق [2] للحركة القسريّة، و إلّا لما كان
كذلك. و أيضا فالحبل [3]
الّذى يجذبه جاذبان متساويان في القوّة [4] إلى جهتين مختلفتين لا يخلو إمّا أن يقال: إنّه ما فعل واحد [5] منهما فيه
[6] فعلا؛ و هو محال، لأنّ الّذى يمنع كلّ واحد منهما عن فعله هو وجود
فعل الآخر. فلو لم يصدر من كلّ واحد من القادرين شىء، لكان الفعل متعذّرا على
القادر [7] من غير مانع؛ و أنّه محال. أو يقال:
فعل أحدهما دون الآخر؛ و هو أيضا محال، لأنّ القادرين لمّا كانا متساويين لم يكن
الحكم بوجود مقدور أحدهما أولى من الثّانى. و لأنّه لو وجد الميل الّذى هو مقدور
أحدهما خاليا عن الميل الآخر لكان ذلك الميل خاليا عن المعاوق [8]، فكان
[9] يجب أن يتحرّك الجسم إلى تلك الجهة، و إلّا لكان الموجب العارى عن
العائق حاصلا مع عدم الأثر، و هو محال. أو يقال: كلّ واحد منهما فعل فيه فعلا [10]، و معلوم أنّ الّذى فعله كلّ واحد
منهما لو خلا عن المعاوق [11] لاقتضى تحرّك الجسم إلى ذلك الجانب، و ذلك يقتضى اجتماع المثلين. و
لنرجع إلى شرح المتن.
أمّا قوله: «الجسم له في حال [12] تحرّكه ميل يتحرّك به»
؛ فاعلم أنّا قد بيّنّا حقيقة الميل، و إنّما يصحّ قوله: له حال
تحرّكه [13] ميل؛ لو ثبت أنّ الميل مغاير لذلك
التّحرّك، و نحن قد بيّنّا ذلك