[الفصل الأوّل [فى إثبات جسم محدّد للجهات محيط بالأجسام ذوات الجهة]]

إشارة [1]: اعلم أنّ الناس يشيرون إلى جهات لا تتبدّل مثل جهة الفوق و السفل، و يشيرون إلى جهات تتبدّل بالفرض‌ [2] مثل اليمين و الشّمال فيما يلينا، و مثل‌ [3] ما يشبه ذلك، فلنعد عمّا يكون بالفرض، و أمّا الواقع بالطّبع فلا يتبدّل كيف كان ذلك.

ثمّ من المحال أن يتعيّن وضع الجهة في خلاء أو ملاء متشابه، فإنّه ليس حدّ من المتشابه أولى بأن يجعل جهة مخالفة لجهة أخرى من غيره. فيجب إذن أن يقع بشى‌ء خارج منه، و لا محالة أنّه يكون جسما أو جسمانيّا [4]. و المحدّد الواحد من حيث هو كذلك فإنّما يفترض‌ [5] منه حدّ واحد [6] إن افترض، و هو ما يليه. و في كلّ امتداد يحصل جهتان و هما طرفان. و على أنّ الجهات الّتى في الطبع‌ [7] فوق و أسفل، و هما اثنتان، فالتّحدّد إذن إمّا أن يقع بجسم واحد، لا من حيث كونه واحدا، و إمّا أن يقع بجسمين. و التّحدّد بجسمين إمّا أن يكون و أحدهما [8] محيطا و الآخر محاطا به، أو يكون وضع الجسمين متباينين.

و إذا كان أحدهما محيطا و الآخر محاطا به‌ [9]، دخل المحاط به في ذلك التّأثير بالعرض‌ [10]، و ذلك لأنّ المحيط وحده يحدّد طرفى امتداد بالقرب الّذى يتحدّد باحاطته، و البعد [11] الّذى يتحدّد بمركزه‌ [12]، سواء كان حشوه أو خارجا عنه خلاء أو ملاء.

و إذا كان‌ [13] على الوجه الآخر تحدّد جهة القرب، و أمّا جهة البعد فلم يجب أن تتحدّد به؛ لأنّ البعد عنه ليس يجب أن يكون محدودا حدّا معيّنا ما لم يكن محيطا، و لم يكن الثّانى أولى بأن يقع منه فى محاذاة دون أخرى ممكنة إلّا لمانع يجب أن يكون له معونة في تقرير [14] الجهة. و يكون جسمانيّا و يدور [15] الكلام عند فرضه و اعتبار وضعه.

فمن البيّن أنّ تقرير الجهة و تحديدها إنّما يتمّ بجسم واحد، لكن ليس لأنّه على طبيعته كيف‌

[1] - إشارة: تنبيه مص.

[2] - بالفرض: بالعرض مص.

[3] - و مثل: مثل مص.

[4] - أو جسمانيّا: و جسمانيّا مص.

[5] - يفترض: يعرض مص.

[6] - واحد:+ إلى م.

[7] - فى الطّبع: بالطّبع مص.

[8] - و أحدهما: أحدهما مص.

[9] - أو يكون وضع ... محاطا به:- م.

[10] - بالعرض: بالفرض م.

[11] - البعد: بالبعد مص.

[12] - بمركزه: مركزه مص.

[13] - إذا كان: إذا مص.

[14] - معونة في تقرير: معرفة في تقريب م.

[15] - يدور: بدون م.