[الفصل التّاسع و العشرون [الدّليل على امتناع تداخل المقادير]]
تنبيه [2]: ما أسهل ما يتأتّى لك تأمّل
[3] أنّ الأبعاد الجسمانيّة متمانعة عن التّداخل، و أنّه لا ينفذ جسم
في جسم واقف له غير متنحّ عنه [4]، و أنّ ذلك للأبعاد [5] لا للهيولى و لا لسائر الصّور و الأعراض.
التّفسير: لمّا تكلّم في المقادير أراد أن يتكلّم في أحكامها. و من
جملة تلك الأحكام حكم واحد [6] هى بأسرها مشتركة فيه و هو امتناع تداخلها. و الدّليل عليه: أنّا
نرى أنّ الجسم لا ينفذ في جسم واقف له [7] غير متنحّ عنه [8]. مثل أنّ الجسم إذا تحرّك إلى جهة فإنّ الجسم الّذى كان موجودا في
تلك الجهة لا يقف فيها، بل يتنحّى عنها. و إذا ثبت ذلك فنقول: هذا الامتناع ليس
إلّا [9] لأجل طبيعة البعد؛ لأنّ قولنا: إنّ
شيئا دخل في شىء أى حصل في حيّزه [10]، قد يكذب [11] إمّا لأنّه يستحيل حصول ذلك الشّىء في الحيّز كما يقال: العقل لا
يدخل في الجسم؛ و قد يكذب لأنّه يجب أن يكون
[12] حيّزه غير حيّز ذلك الآخر [13]. و إذا قلنا: إنّ الجسمين
[14] لا يتداخلان؛ فإنّا لا نعنى به الوجه الأوّل. فإنّ الجسم ليس ممّا
لا يحصل [15] فى الحيّز، بل نعنى به الوجه الثّانى.
و إذا كان المعنى من امتناع التّداخل وجوب حصول كلّ واحد منهما في غير حيّز الآخر،
وجب أن يكون المانع من هذا التّداخل هو الّذى يكون له حصول في الحيّز، و ليس ذلك
إلّا المقدار [16]. فإذن المانع من التّداخل هو المقدار.
و أمّا الهيولى
[1] - فى امتناع ... واحد: و فيها فصل في امتناع تداخل المقادير م،
مج.