نام کتاب : الإشارات و التنبيهات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 137
فقد بان أن اللذات الباطنة مستعلية على اللذات الحسية. و ليس ذلك في
العاقل فقط بل و في العجم من الحيوانات فإن من كلاب الصيد ما يقتنص على الجوع ثم
يمسكه على صاحبه، و ربما حمله إليه. و الراضعة من الحيوانات تؤثر ما ولدته على
نفسها، و ربما خاطرت محامية عليه أعظم من مخاطرتها في ذات حمايتها نفسها. فإذا
كانت اللذات الباطنة أعظم من الظاهرة و إن لم تكن عقلية فما قولك في العقلية؟!
تذنيب [في الرد على القائلين بأن السعادة محصور في الحسية]
فلا ينبغي لنا أن نستمع إلى قول من يقول: إنا لو حصلنا على حالة لا
نأكل فيها و لا نشرب فيها و لا ننكح فأية سعادة تكون لنا. و الذي يقول هذا فيجب أن
يبصر و يقال له: يا مسكين لعل الحال التي للملائكة و ما فوقها ألذ و أبهج و أنعم
من حال الإنعام؛ بل كيف يمكن أن يكون لأحدهما إلى الآخر نسبة يعتد بها.
تنبيه [في بيان ماهية اللذة و الألم]
إن اللذة هي إدراك و نيل لوصول ما هو عند المدرك كمال و خير من حيث
هو كذلك، و الألم هو إدراك و نيل لوصول ما هو عند المدرك آفة و شر.
و قد يختلف الخير و الشر بحسب القياس. فالشيء الذي هو عند الشهوة
خير هو مثل المطعم الملائم و الملمس الملائم، و الذي هو عند الغضب خير فهو الغلبة،
و الذي هو عند العقل خير فتارة و باعتبار فالحق، و تارة و باعتبار فالجميل، و من
العقليات نيل الشكر و وفور المدح و الحمد و الكرامة. و بالجملة فإن همم ذوي العقول
في ذلك مختلفة و كل خير بالقياس إلى شيء ما فهو الكمال الذي يختص به و ينحوه
باستعداده الأول و كل لذة فإنها تتعلق بأمرين بكمال خيري و بإدراك له من حيث هو
كذلك.
وهم و تنبيه [في إزالة شبهة هي أن الصحة و السلامة كمال و خير]
و لعل ظانا يظن أن من الكمالات و الخيرات ما لا يلتذ به اللذة التي
نام کتاب : الإشارات و التنبيهات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 137