فإنّ مورد الآية التدبير في الحوادث من جانبها الموضوعي، وتفيد الآية بنحو العموم أن الرسول وأولي الأمر وهم الذين يتنزل عليهم الأمر ليلة القدر يعلمون استخراج حقيقة حال الحدث ووِجهة تدبيره، إذ الاستنباط في الآية الكريمة يراد منه المعنى اللغوي، أي استخراج النَّبْط وهو الزرع أو الحشائش في قعر البئر فهو في أصل اللغة استخراج واقع الشيء، لا المعنى الّذي اصطلح عليه في علم الفقه والأصول وهو الاستنتاج الظني المتولّد من فهم الفقيه والمجتهد من مقدار ما وصل إليه من الأدلّة واستطاع أن يقف عليه من مواد الاستدلال. ومن ثم عبّرت هذه الآية ب «عَلِمَه» لا أنهم يظنّونه.
فهذه الآية- كآيات ليلة القدر وكالآيات المتضمنة لإحاطة المعصوم بالكتاب المبين، وكآيات شهادة المعصوم لأعمال العباد وغيرها من طوائف الآيات- دالّة على إحاطة المعصوم بالموضوعات.
وأما استشارة النبيّ والمعصومين عليهم السلام لِمَن حوله فهي لفوائد عائدة لتربية الأعوان والمسؤولين والولاة في جهات شتّى مرت الإشارة إلى بعضها وستأتي تتمة الكلام فيها.
والرقابة وإن كانت مقررة للأمّة أيضاً في حكومة المعصوم ولكن بلحاظ أنّ الجهاز الحكومي للمعصوم هم من غير المعصومين، فالرقابة للجهاز الحكومي نحو تعاون مع المعصوم عليه السلام في مراقبة جهاز حكمه.