الفوائد المترتبة على قاعدة إياك أعني واسمعي يا جارة

ثالثاً: الحِكَم والفوائد المترتبة على قاعدة [إيَّاك أعني واسمعي يا جارة].

هناك فوائدٌ جمة لهذهِ القاعدة المهمة، وهذا الأسلوب التربوي القرآني نذكر بعضها:-

الفائدة الأُولى: عدم إثارة الطرف الآخر؛ لانه عند الجهر والكشف عن أفعاله وأقواله وتوجيه الخطاب إليه مباشرة مما قدْ يؤدي إلى ردّة فعل سلبيّة.

الفائدة الثانية: التستر الأمني وعدم إرباك الوضع الأمني المستقِر والمستتب، فإنَّ كثيراً من الأمور التي يريد الله أنْ يكشف بها أعمال المنافقين والمبيتين شرّاً للدين ويُخَططون لما بعد فترة رسول الله (ص) فإنَّ القرآن يخاطب هؤلاء بهواجس ويحذر مِن أفعالهم، ولكنْ لا بتوجه خطاب مباشِر إليهم؛ لأنَّ ذلك سوف يستثيرهم وربما يُربكون الوضع الأمني بأشد فساد مما هم عليه من برنامج، ولربما يستيقظون على كثير من الحقائق القرآنية.

إذنْ قاعدة إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة هي أسلوب من أساليب التعريض والكناية، بلْ والدلالة الخفية؛ ولذا من الغريب أنْ يُطالب في دلالات القرآن بأنَّه لماذا لا تكون كلّها صريحة وجهاراً، إلّا أنَّ ذلك خلاف الحكمة؛ لأنَّ المُفَسِّر إذا كان يبني في تفسيره لآيات القرآن على الظاهر الجلي فإنَّه حينئذٍ قدْ أخفق في الحصول على الدلالات وآفاق المدلول للآية والمفاد القرآني للتفسير.