تقييم الجرح والطعن في ظلّ تنوّع المدارس عند الرواة

إنّ البحث الموضوعي حول الفرق العقائديّة أو الفقهيّة التي ينتمي إليها الرواة هو من الأبحاث ذات الأهميّة الكبيرة في معرفة الراوي. وإن كانت الفرق قد تعدّدت في الطائفة الواحدة من طوائف المسلمين. فإنّ البحث الموضوعي عن كلّ فرقة مشربها ومذاقها وحكم عقائدها والمعالم التي تتميّز بها والخصائص التي تدأب عليها وخريطة العلاقة والتعامل بينها وبين الفرق الأخرى من الأهمّية بمكان في تسليط الضوء على معرفة شخصيّة الراوي. ولا يبالغ في القول لو قيل: إنّ هذا المنهج من أخطر مناهج البحث الرجالي، ليس في الرواة فحسب، بل هذا المنهج ضروري في دراسة وتقييم أرباب الجرح والتعديل أنفسهم، لأنّ جرحهم وآراءهم وفتاواهم الرجاليّة يتأثّر بقوّة بحسب متبنّياتهم الفكريّة.

كما أنّ هذا المنهج يرسم بقوّة الصورة الواضحة لطبيعة علاقة الراوي بمشايخه وتلامذته والكتب التي يرويها وقدرة ضبطه للمضمون الذي يروي وكذا درجة وثاقته في النقل والإخبار لذلك المضمون.

ولا يخفى أنّه ليس المراد من تعدّد الفرق بالضرورة الاختلاف في العقيدة، بل قد يكون بلحاظ مستوى المعرفة من حيث الغور والعمق أو السطحية أو المدرسة المعرفيّة التي ينتمي إليها ويتبنّاها الراوي كالمدرسة الكلاميّة أو المدرسة الفقهيّة أو مدرسة أسرار ولطائف المعارف وإشاراتها.

والحاصل: إنّ من الأمور المهمّة في تنقيح باب الجرح والتعديل الالتفات إلى اختلاف مدارس الرواة ومشاربهم العلميّة التي ينتمون إليها، فهناك المدرسة