تلك الشؤون المذكورة في ألفاظ حديث ذلك الكتاب مما دلت ألفاظ الآيات القرآنية عليه كما يظهر ذلك بالتدبر وإمعان النظر كما أشرنا إليه في الفصل الثامن من كتاب «الإمامة الإلهية».

وقد اعترض معلق الكافي على حديث مناظرة الإمام الباقر مع ابن عباس في ليلة القدر في كتابه بالوضع لظهور ذلك الحديث في حصول العمى لابن عباس في زمن أمير المؤمنين عليه السلام [1] مع أن ابن عباس كان في زمن معاوية بصيراً وأنه عمي في آخر عمره في زمان عبد اللَّه بن الزبير وأنه كيف يفرض مناظرة بين أبي جعفر في صغره وفي حياة أبيه السجاد مع ابن عباس إذ قد ولد أبو جعفر عليه السلام سنة 57 ومات ابن عباس سنة 68.

وفيه: أن الإشكال الأوّل فقد روى الكشي حديثاً يظهر فيه دعاء أمير المؤمنين عليه السلام بعمى أبصارهما كما عمى قلوبهما وفي بعض نسخ الكشي أنهما عبد اللَّه وعبيد اللَّه ابن عباس [2] فيظهر من هذا الحديث أنّ عقوبة العمى لم تكن في زمن أمير المؤمنين بل بسبب عصيانهما للأمير عليه السلام وإن كان حدوث العمى متأخّراً. فما يتراءى من حديث ليلة القدر من حصول العمى في ذلك الزمان غير مراد بل المراد أنه بسبب ذلك وإن تأخّر حصوله.

وأما الإشكال الثاني فهو من العجائب إذ كم جرى للأئمّة عليهم السلام في صغر سنّهم مع وجود آبائهم مناظرات وجوابات انبهر الخصوم منها.

[1] - الكافي 1/ 192 الطبعة الإسلامية، سنة 1388 ه.

[2] - رجال الكشي/ ح 102.