عن
الإيجاب به . ويندفع ذلك بأنّ استعماله في البيع في الكتاب الذي هو من أفصح
الكلمات وقائله من أفصح الفصحاء يكفي في صحّة وقوعه إيجاباً بعد مساعدة
اللغة على ذلك ، فإنّ الشراء لغة أعمّ من البيع والاشتراء . ومنها : ملّكتك وهو أيضاً يقع إيجاباً في البيع ،
وهو بمعنى تمليك الغير الجامع بين التمليك بلا عوض والتمليك بالعوض ، فإن
ذكر على نحو الاطلاق ومجرّداً عن ذكر عوضه يكون ظاهراً في التمليك المجّاني
الذي هو بمعنى الهبة ، كما أنّه إذا ذكر مع العوض يكون ظاهراً في البيع
فإنّه كما عرفت بمعنى مبادلة مال بمال وتمليك بالعوض فالتمليك المطلق نظير
الحيوان الجامع بين الإنسان وغيره ، والبيع بمنزلة الإنسان الذي هو بمعنى
الحيوان الناطق ، لأنّ البيع بمعنى التمليك بالعوض فلفظة البيع كلفظة
الإنسان عبارة عن التمليك مع العوض أو الحيوان مع النطق على نحو الإجمال .
وتفصيلهما أي تفصيل البيع والإنسان هو التمليك بالعوض والحيوان الناطق .
وكيف كان ، فلا إشكال في صحّة وقوعه إيجاباً في البيع ، فإذا قال : ملّكتك
بعوض كذا وأراد منه الهبة المعوّضة أو الصلح فيبتني صحّتها على صحّة إنشاء
عقد بلفظ غيره ، فإنّ التمليك بالعوض بمعنى البيع واستعماله وإرادة الهبة
المعوّضة أو الصلح إنّما يصحّ إذا قلنا بصحّة إنشاء العقد إذا وقع بلفظ عقد
آخر ، هذا .
وقد فهم بعض المحشّين[1] من
عبارة الكتاب أنّه إذا قال : ملّكتك - مجرّداً عن ذكر العوض - وأراد منه
الهبة المعوّضة فهو الذي يبتني صحّته على صحّة إنشاء عقد بلفظ آخر ، فأورد
عليه بأنّ الهبة المعوّضة والهبة غير المعوّضة حقيقة واحدة وهو التمليك
المجّاني ، وإنّما الاختلاف بينهما في الاقتران بشرط وعدمه ، وإذا كانا
حقيقة واحدة فإذا صحّ إنشاء الهبة غير المعوّضة بلفظ ملّكت صحّ إنشاء
المعوّضة به أيضاً