فنرى أنّ أصل ومُجمل الرسالة أُمِرَ بها الرسول صلى الله عليه و آله كوظيفة تكليفيّة، على نحو بقيّة التكاليف والقيام بالأفعال والوظائف الشرعية، ولم تكن بنحو الإلجاء على الفعل.
وبعبارة اخرى: إنّ علم اللَّه تبارك وتعالى السابق بحال أصفيائه من الطاعة، والتسليم، والاستجابة، موجب لاصطفائه لهم، واختياره إيّاهم لهذه المقامات، وحبائه لهم بالمواهب اللدنّية، والنعم الملكوتية، و هذا ما يشير إليه قوله عليه السلام في دعاء الندبة:
فيقرَّر مفاد الدعاء أنّ اصطفاءهم وقبولهم وتقريبهم وإرفادهم بالذكر اللدنّي، وإهباط الملائكة عليهم، وتكريمهم بالوحي، ورفدهم بالعلم، إلى غير ذلك من المقامات اللدنّية الغيبية، إنّما كانت على أثر علم اللَّه تبارك تعالى السابق الغابر بأنّهم على مدرجة الوفاء، بكلّ ما يشترط عليهم، ويأخذه عليهم من العهود والالتزامات، وأنّهم في موضع الاستقامة والأمانة والصدق، وشدّة الطاعة.