نام کتاب : علم المعاني نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 62
2- أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه. و مثال ذلك
قوله تعالى:ثُمَّ
إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ؛فالمخاطبون بهذه الآية الكريمة لا ينكرون حقيقة الموت بالنسبة
للإنسان، و أنه مهما طال أجله فإن مصيره إلى الموت و الفناء، و على ما يقتضيه
الظاهر كان يجب أن يلقى الكلام إليها خاليا من التأكيد، و لكننا مع ذلك نرى أن
الكلام قد خرج عن مقتضى الظاهر و ألقي إليهم مؤكدا. فما السبب في ذلك؟.
السبب ظهور أمارات الإنكار عليهم، فإن نسيانهم للموت و تكالبهم على
مطالب العيش كأنهم مخلدون أبدا، و عدم بذلهم في الحياة الدنيا ما ينفعهم في
الآخرة، كل هذه بوادر منهم تدل على إنكارهم لحقيقة الموت، و من أجل ذلك نزّلوا
منزلة المنكرين، و ألقي الخبر إليهم مؤكدا بمؤكدين هما «إن» و
«لامالابتداء».
و مثال ذلك أيضا قولك لمن يعقّ والديه و لا يطيعهما: «إنبرّ الوالدين لواجب»، فالمخاطب
بهذا الكلام لا ينكر أن برّ الوالدين واجب و لا يداخله شك في ذلك. و كان مقتضى
الظاهر أن يلقى إليه الخبر غير مؤكد، و لكن عقوقه لوالديه، و غلظته في معاملتهما،
و عدم إطاعتهما، كل ذلك اعتبر من علامات الإنكار، و لذلك نزّل منزلة الجاحد المنكر
و ألقي الخبر إليه مؤكدا بمؤكدين وجوبا، خروجا عن مقتضى الظاهر:
و مثاله أيضا من الشعر قول حجل بن نضلة القيسيّ:
جاء شقيق عارضا رمحه
إن بني عمك فيهم رماح
فشقيق هذا الرجل لا ينكر رماح بني عمه، و لكنه مع ذلك يأتي إليهم
عارضا شاهرا رمحه مدلّا بنفسه و شجاعته عليهم كأنه يعتقد أنهم عزل من السلاح.
فمجيئه على هذه الحال علامة على إنكاره وجود السلاح مع بني عمه، و لذلك أنزل منزلة
المنكر، و بالتالي ألقي الخبر إليه مؤكدا و قيل له:
إن بني عمك فيهم رماح.
نام کتاب : علم المعاني نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 62