نام کتاب : علم المعاني نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 173
الإيجاز و الإطناب و المساواة
الإيجاز
أشاد الجاهليون كثيرا بالإيجاز و دعوا إليه و مارسوه في أدبهم على
اختلاف ألوانه. و لعل السر في اهتمامهم به راجع إلى ظروف مجتمعهم، فقد كان مجتمعا
تشيع فيه الأمية و تندر فيه الكتابة، و لهذا كان عليهم أن يعتمدوا على ذاكرتهم من
ناحية في الإبقاء على أدبهم الذي يصور حياتهم، و على تناقله عن طريق الرواية جيلا
بعد جيل من ناحية أخرى.
و لكن الذاكرة مهما كانت قوية فإنها لا تستطيع أن تستوعب كل ما يقال،
و لا سيما إذا كان طويلا، و إذا استوعبت ما قدرت عليه من الكلام المسهب فإنها
معرضة لنسيان بعضه بسبب طوله.
من هنا و لهذه الاعتبارات، كما يبدو، كانت الحاجة إلى الإيجاز في
القول أول الأمر كوسيلة لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الأدب تستطيع الذاكرة أن تعيه
من غير نسيان، و بذلك يتسنى للأجيال المتعاقبة أن تتناقله سليما غير منقوص.
على ضوء ذلك يمكن القول بأن ما نرى لهم من كلام كثير في فضل الإيجاز
و التنويه به و اعتباره البلاغة الحقة كان نابعا في المحل الأول من حاجتهم إليه
كأهم وسيلة للحفاظ على تراثهم العقلي. و قلما نظروا بمفهومه المتطور لدى رجال
البلاغة المتأخرين، أي على أنه مطلب بلاغي في حد ذاته تستدعيه مقتضيات الكلام
أحيانا.
نام کتاب : علم المعاني نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 173