responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق    جلد : 1  صفحه : 214

و الكناية، لأن بسط الحرير التي كانت لهم في المساء تستلزم السيادة و العزة، و إن هذه البسط التي تحولت في الصباح إلى تراب تستلزم الفقر و الحاجة و الذلة. فالبيت كما نرى كناية عن صفة. هذا و يجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة، بمعنى أنه يصح هنا إرادة المعنى المفهوم من صريح اللفظ، أي أنهم في المساء كانوا يجلسون على بسط من الحرير فعلا ثم صاروا في الصباح يجلسون على التراب حقيقة.

3- و قالت الخنساء في أخيها صخرا:

طويل النجاد رفيع العماد

كثير الرماد إذا ما شتا

فالخنساء في هذا البيت تصف أخاها صخرا بثلاث صفات هي: إنه طويل النجاد، رفيع العماد، كثير الرماد.

و هي بهذه الصفات تريد أن تدل على أن أخاها شجاع، عظيم في قومه، كريم. و لكنها عدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الكناية عنها، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه، و يلزم من طول الجسم الشجاعة عادة، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون سيدا عظيم القدر و المكانة في قومه و عشيرته، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرة إحراق الحطب تحت القدور، ثم كثرة الضيفان، ثم كثرة الكرم. و هنا أيضا يجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة، فمن الجائز بالإضافة إلى المعنى الكنائي أن يكون أخوها حقيقة طويل النجاد، رفيع العماد، كثير الرماد.

فتراكيب الكناية في الأمثلة السابقة هي «بعيدة مهوى القرط» و «كون بسطهم حريرا» و «كون بسطهم ترابا» و «طويل النجاد» و «رفيع العماد» و «كثير الرماد».

و لما كان كل تركيب من هذه التراكيب قد كني به عن صفة لازمة

علم البيان، ص: 215

لمعناه، كان كل تركيب من هذه و ما يشبهه «كناية عن صفة». و هذا هو القسم الأول من أقسام الكناية.

كناية الموصوف: و هي التي يطلب بها نفس الموصوف و الشرط هنا أن تكون الكناية مختصة بالمكنيّ عنه لا تتعداه، و ذلك ليحصل الانتقال منها إليه.

1- و من أمثلة ذلك قول البحتري في قصيدته التي يذكر فيها قتله للذئب:

عوى ثم أقعى فارتجزت فهجته‌

فأقبل مثل البرق يتبعه الرعد

فأوجرته خرقاء تحسب ريشها

على كوكب ينقض و الليل مسودّ

فما ازداد إلا جرأة و صرامة

و أيقنت أن الأمر منه هو الجد

فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها

بحيث يكون اللب و الرعب و الحقد

ففي قول البحتري في البيت الأخير «بحيث يكون اللب و الرعب و الحقد» ثلاث كنايات لا كناية واحدة، لاستقلال كل واحدة منها بإفادة المقصود.

فالبحتري يريد أن يخبرنا أنه طعن الذئب أولا برمحه طعنة خرقاء لم تزده إلا جرأة و صرامة و لهذا أتبع الطعنة الأولى طعنة أخرى استقر نصلها في قلب الذئب.

و لكنه بدل أن يعبر هذا التعبير الحقيقي الصريح نراه يعدل عنه إلى ما هو أبلغ و أشد تأثيرا في النفس، و ذلك بالكناية عن القلب ببعض‌


[1] أوجره الرمح: طعنه به في فيه أو صدره.

نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق    جلد : 1  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست