نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 172
و هم يعدون هذا النوع من أجمل الصور البيانية لما فيه من التشخيص و
التجسيد و بث الحياة و الحركة في الجمادات و تصوير المعنويات في صورة محسة حية.
و بعد فقد عرضنا في مستهل هذا الكتاب و على التحديد في مبحث «نشأةعلم البيان و تطوره» لتاريخ
الاستعارة مبينين كيف نشأ البحث فيها و تطور لدى رجال البلاغة في العصور المختلفة.
و ليس من قصدنا أن نعيد هنا ما سبق أن ذكرناه عن الاستعارة، فهذا أمر
يمكن الرجوع إليه و تتبعه تاريخيا في مكانه من الكتاب. و إنما القصد أن نلقي مزيدا
من الضوء على أوائل من فطنوا إلى الاستعارة و قاموا بالمحاولة الأولى في بحثها،
تلك المحاولة التي التقطها البلاغيون من بعدهم و توسعوا في دراستها، حتى وصلت
الاستعارة بفضل جهودهم إلى ما وصلت إليه من التفريع و التقسيم.
ذلك هو القصد، و قصد آخر هو أن نتخذ من ذلك مدخلا إلى دراسة
الاستعارة دراسة موسعة تعززها الأمثلة و الشواهد الكثيرة، و ذلك لأهميتها في باب
البيان العربي، تلك الأهمية التي جعلت إماما من أئمة البلاغة هو عبد القاهر
الجرجاني ينظر إليها و إلى المجاز و التشبيه و الكناية على أنها عمد الإعجاز و
أركانه، و الأقطاب التي تدور البلاغة عليها، و ذلك إذ يقول: «ولم يتعاط أحد من الناس القول في الإعجاز إلا ذكرها، و جعلها العمد و
الأركان فيما يوجب الفضل و المزية، و خصوصا الاستعارة و المجاز، فإنك تراهم
يجعلونهما عنوان ما يذكرون و أول ما يوردون»[1].